Monday, November 17, 2014

الحتة اللبناني

كان يكفي أن يقول لي في نهاية مكالمة ال Skype   "ميرسي لـ َ إلك" حتى أذوب وأتـفتفت وترتسم حولي قلوب وزهور وفراشات. كنت أثناء مراهقتي أجزم أني سأتزوج "واحد" لبناني حيث أني نشأت في إحدى دول الخليج التي تتلاقي فيها الجاليات العربية المختلفة بعيداً عن هم أو فقر بلادهم المنكوبة. تركنا البلد بعد ذلك وجئنا إلى مصر ولم أعد أقابل حولي لبنانيون ولكن ظل في قلبي – حتة كده – للبنان.

أحب الــلهجة وأقلدها، أحفظ أسماء المناطق والفسح التي عرفتها من الأفلام المصرية القديمة التي صورت هناك، أتتبع قصص الحرب والفقد والرصاص التي قرأتها في روايات ربيع جابر وجبور دويهي التي ترشحها لي مواقع الانترنت، أؤمن بالمقولات العجيبة التي يتداولها الناس عن اللبنانين وحلاوتهم وشطارتهم في التجارة والفن والجمال فيقول أبي "اللبناني يلبس حلو ويـتفسح حلو ومش مهم بيته شكله ايه" أو تقول أمي "من كتر ما شافوا في الحرب مبقاش يهمهم، الضرب جمبهم وهما سهرانين وبيرقصوا"، كل ذلك بعد أعوام كثيرة من جملة مبهمة رماها لنا طفل في المدرسة في منتصف الثمانينات قائلاً مقلداً أحد والديه "لبنان اتحرقت"! وكل ذلك قبل أعوام كثيرة من متابعة أيقونات الدلع والجمال عبر قنوات المستقبل والـ LBC مع ظهور أطباق الدِش على أسطح البيوت المصرية في أوائل التسعينات.

لذلك حين جاءت لتعمل معنا منال اللبنانية اقتربنا كثيراً كصديقتين، فضلاً عن كونها لطيفة وحبوبة ودمها خفيف كان يكفي أنها لبنانية. منال شكلها مصري تماماً، جميلة جمال غير لبناني: بشرة سمراء وعيوان سوداء وملامح هادئة وترتدي حجاب. جاءت في أول يوم عمل مبكرة وجلست في المكتب المخصص لها وأخذت تتحدث في هاتــفها بلهجتها اللبنانية المميزة وصوتها العالي، كلما هل زميل في الصباح جاء مسرعاً يستكشف الزميلة اللبنانية متتبعاً الصوت فيتوقف قليلاً عند الوجه الوحيد الجديد بحيرة ثم يسأل باقي البنات "هي فين"!
وحين تصبح منال صديقتنا بعد ذلك تضحكنا وتقول أنها لبنانية مضروبة وتقول لنا أن مصر مناسبة جداً للبيزنس لذلك جاءت هي وزوجها اللبناني جاد.

حين تحدثت مع عياد على سكايب كنت حرفياً أُحلِق! لم اتعرف على عياد على الانترنت كسبيل للدرشة وقتل الوقت أنما كانت – والله - مكالمة عمل. كنت أقوم بخدمة تطوعية لإحدى المؤسسات التنموية بجانب عملي الأساسي وتطلب ذلك السفر لحضور اجتماع مغطى النفقات في لبنان وكان عياد يقوم بالترتيب اللوجيستي للإجتماع.     

جلست معي منال قبل السفر تشرح لي ماذا أفعل في لبنان وقالت لي أين أذهب وكيف أحاسب سيارة الأجرة وأن ازور جعيتا وحريسة وبين كل جملة وجملة تقول منال لي "انتبهي ..ها!" وتأكد علي أن أمر على أمها في منزلهم بالسوديكو.

في لبنان انشغلنا بالاجتماع وانشغلت بعياد. كان عياد رائعاً وغامضاً وضائعاً كأنه خارجاً لتوه من رواية لربيع جابر، وقد نسيت منال أن تقول لي أن انتبه لذلك.

تزامن الاجتماع مع حفل فيروز الذي تقيمه بعد أعوام من الغياب، بالإضافة أننا نعرف جميعاً أن فيروز لا تقيم حفلات في مصر. أبديت جزعي حين وصلت لبيروت أني ليس فقط لن أحضر احتفالات الكريسماس هنا بل لن أحضر حفل فيروز لاستحالة الحصول على التذاكر قبل الحفل بأيام. ولكن عياد دائماً عنده حل، أحضر لي التذكرة لا أعلم كيف ولا أعلم لماذا، ذهبنا إلى الحفل مع جمع كبير من أصدقاء عياد وحاضري الاجتماع وأخرين وكانت جلساتنا متباعدة بسبب شراء التذاكر في توقيتات مختلفة وزحام الدخول. حضرنا الحفل جالسين على كراسي بلاستك  كتلك التي توضع في حدائق النوادي تبعاً لسعر تذاكرنا المنخفض ولم يكن حولي أحد أعرفه! كنت أتلفت حولي لأبحث عن عياد وقالت لي السيدة اللبنانية الأنيقة بجانبي "عجقة .. ما فيكي تلاقي حدا هون" استسلمت وأخذت استمع للأغاني دون أن يمسك يدي أحد جانبي ليخفف من وطأة سماع أغنية "في أمل"!

رجعنا بعد الحفل لنكمل السهرة على قهوة في شارع الحمراء احتراماً لهؤلاء الذين لا يريدون الذهاب إلى الجميزة. بسبب الحفل كانت بيروت تعج بالمصريين، كنا كأننا نقلنا وسط البلد إلى الحمراء وبدا الامر موتراً وأنا أقابل شخص مصري أعرفه كل بضعة كيلومترات. على المقهى كانت طاولة طويلة تضم عدداً غفيراً، وأنا خائبة وضائعة جداً في التجمعات الكبيرة، يحكي الجالسون عن أشياء تختلف
كثيراً عني فانبهر وأبدو أكثر خيبة. يلاحظ عياد هذا ورغم قلة كلامه هو الآخر إلا أنه يحاول إلتقاطي بين لحظة وأخرى وقال بلهجة مصرية خــَرِبة "هتعملي ايه بكرة" وأخبرته اني سأزور جعيتا كما أكدت عليّ منال. فيصرخ "جعيتا!! جروتو دي اوفر ريتد، سيبيلي أنا مهمة اليوم اللي فاضل!"
ثم يحاول عابثاً أن يشرح لي الفرق بين نطق المصريين لاسم منال بألف مكسورة ونطق اللبنانيون للاسم منال بألف مفخمة ويضحك حين لا استطيع رصد الفرق إلا بحركة ذراعي أمام فمي مع نطق الألف دلالة التفخيم!
شيئاً ما جعل عياد يهتم بي تلك الليلة، قال شئ مثل أني اشبه ممثلة لا يعرف اسمها كانت تظهر في أدوار ثانوية في الأفلام المصرية القديمة، لم أفهم ان كان هذا يعني شيئاً جيداً أم لا ولكني لم أمانع هذا الاهتمام. قمنا وعرض أن يوصلني إلى الفندق حيث أقيم واقنعت نفسي أن هذا من صميم عمله في إتمام شئون حاضري الإجتماع. قلت له أني لم أسافر كثيراً قبل ذلك ولكن تعجبني فكرة الضياع في المدن وأني أحب أنا أرى بيروت .. مشينا كثيراً لم نكن ترى شيئاً معيناً كان يدخلني بين مربعات سكنية حديثة البناء ويشير لبناية محددة قديمة بها حفر دائرية ويقول أنهم تركوها بآثار الرصاص من أيام الحرب.   

مر عياد علىّ في اليوم التالي في الثامنة صباحاً في سيارة استأجرها واخدني لبيت الدين وقال لي أن أشرب من مياه الينابيع المتدفقة من المسقى أمام باب الدخول وقال "شربتي منها هترجعي تاني، زي النيل في مصر كده"، ثم تحركنا مرة أخرى واخذنا نصعد وهو يتجاهل خوفي من قيادته المريعة حتى وصلنا لغابة أرز الشوف وكنت أشعر أن عياد طويلاً جداً مثل كل الشجرات التي حولنا وان المشي جانبه يتطلب النظر كثيراً لأعلى وهذا صعب لأني احب النظر إلى خطواتي وأنا امشي. جلسنا هناك أربع ساعات، كان عياد يثرثر عن أشياء تضايقه وعن مشروعه للسفر إلى كندا ويقول أشياء عن الوضع الراهن ويكرر أسماء السياسين والأحزاب والتيارات وأنا أعلق بأشياء غالباً لا ترضيه فيقول اني لا أفهم وأنا فعلاً لا أفهم. كنت أفكر وقتها ترى على أي تيار يحسب عياد، وتذكرت أن لو كانت منال هنا، كانت ببساطة قالت لي "قوليلي هو من بيت مين وأنا بـِقلك".

سافرت في اليوم التالي ولم يوصلني عياد للمطار، فقط أرسل لي على الفندق حلوى قمر الدين في قطع صغيرة ملفوفة بسلوفان وكتب على كل منها رسالة كرسائل حظك اليوم وعلى العلبة كتب "الرسايل كلها مكتوبة بالمصري، تفتح في مصر". وصلت مصر قرأت الرسائل كلها وضحكت ثم بكيت ونسيت الأمر كله بعد ذلك.    

بعد شهرين حادثني عياد على Skype باللهجة المصرية الخربة التي يصر أن يتحدثها "ندى!؟ أنا مسافر كندا خلاص ؟ أوكيه؟؟" اربكتني صيغة الاستفهام في اخر جملته،  فكرت قليلاً ثم أجبته إجابة لم ترضيه فقال مرة أخرى أني لا أفهم!


أهاتف منال وأقول لها أن عياد جميلاً وغامضاً ورائعاً ولكنه لبناني زيادة عن اللزوم.

Tuesday, May 27, 2014

فين الحب وفين الصاحب يا عبد الخالق؟

عام 86 كان بداية تكوين وعيي الطفولي اللي يخليني كطفلة أتلصص من شباك صغير بحجة أني "عيلة مش فاهمة قوي" على الدنيا الكبيرة والكلام الغريب وقصص الأخوات والأقارب الأكبر وأحاول أحل ألغاز لأفكار صغيرة ولأسئلة كبيرة في دماغي حتى ولو كنت في الأغلب بحلها غلط. في السنة دي رحنا نصيف في مراقية أشهر قرية في الساحل الشمالي وقتها وكان ألبوم مرسال لعلاء عبد الخالق (كنا بنسميه شريط وقتها) هو الموسيقى التصويرية للمصيف ده، وصحيح إني مكنتش مهتمة قوي بالمزيكا أو أغاني الكبار في السن ده إلا أني كان سهل قوي ألاحظ أو أفهم أن البنات في المصيف حلوات قوي و بتتعاكس وفي شباب أكبر بيلفتوا نظر البنات وأن المصيف انفتاح وحرية فيها الناس بتتقابل وتتصاحب ويشغلوا لبعض الأغاني في بلكونات الشاليهات أو من كاسيت العرببة أو يغمزولهم عند جملة معينة في الأغنية وهما قاعدين على حمام السباحة، الناس بتحب وتتحب  طول 3 شهور المصيف والمزيكا مهمة قوي للحب! فتفضل أغنية "مرسال الحب" لعلاء عبد الخالق شاهد عندي كطفلة على كل مشاعر أعجاب بلهاء هتزورني في السنين اللي جاية، واللي هي عادة قصص صامتة والأغاني الخفيفة عنصر أساسي فيها، مع الاهتمام أننا نسيب الشريط لبعض بعد كده ذكرى لمرسال الحب اللي في الأغلب هيتنسي.

بعدها بسنة مع ازدهار نجم علاء عبد الخالق كان في شريط "وياكي" اللي أنا مش فاكرة منه حاجة قوي ، غير أغنية اسمها "سلم" واللي فضلنا نشغلها في الواك مان أنا وأصحابي الأطفال أثناء رحلة مدرسية ربما كانت للقلعة أو الهرم  لا أتذكر إلا أن المشكلة الأكبر أن كلام الأغنية حقيقي صعب علينا تفسيره كأطفال فنقضي الرحلة نتجادل عن ما يقصده بسلم ده السلام لله حيث كنا نجزم أنها مجرد نغمة موسيقية لاكمال اللحن لتكون سلم ده السلام لا لا أو أننا اخطأنا السمع بينما هي سلم ده السلام يلّا حيث أننا لم نستوعب كثيراً فكرة أن السلام لله!

في 91 كانت الطفولة بتنتهي والواحد بيخطي للمراهقة بخطى واثقة، كنا ينحلم ازاي تفوت بسرعة سنين المدرسة ونروح الجامعة رغم أننا مازلنا محملين بأطياف الطفولة. كانت أغنية داري قنبلة في زمانها حيث جاء فيديو كليب الأغنية (كنا بنسميه التصوير وقتها) على أشهر موضة ساعتها وهي الكليب اللي بيحكي قصة ملهمة جداً مهما كانت ساذجة،  والأهم ان الكليب حمل لمصر أهم فتاة أحلام في الكام سنة اللي الجايين وهي جيهان نصر اللي الزمن لعب لعبته وانقذنا منها بجوازها من ثري عربي يقرر يخفيها عن عيون الحاقدين والراغبين، بس المهم ان الكليب ورانا أبعاد جديدة للبنت القمر اللي ماشية في الشارع وبتتسوق في محلات سور نادي الزمالك وتتقل على الحبيب اللي وراها طول الكليب وهي بتتقصع في المشية وتعدل القصة وترفع النضارة من غير ما حد يستجرى يقول البنت دي صايعة وقليلة الأدب حيث طغى الانبهار بفتيات الاعلانات على الأدب.

درة أغاني علاء عبد الخالق كانت أغنية مكتوب من ألبوم يحمل نفس الاسم، واللي كانت بسبب الفيديو كليب بتاعها (برضه كنا لسه بنسميه نصوير الأغنية رغم بداية ظهور اللفظ كليب) شباك كبير نبص منه على فيلم أجنبي عظيم لأبناء الجيل ده اسمه The Bodyguard لـ Whitney Houston  و Kevin Costner  والفيلم كان ساعتها يسحر من حيث أنه قصة حب مؤثرة بتنتهي نهاية سعيدة مع شوية أكشن لطيف أثناء الأحداث ميضايقش البنات قوي، وبطلة الفيلم أعظم مغنية أجنبية في الوقت ده.  وعلى سماجة وبرود Costner إلا ان الفيلم لطيف في المجمل، واتغنت فيه الأغنية اللي فضلت الرقصة الslow   المهيمنة على كل أفراح أقاربنا الكبار الي كانوا بيحبوا زمان على مرسال الحب. أغنية مكتوب  اللي يتخللها حضور طاغي لعزف الكمنجات والتنويع في الموسيقى السريعة الذي يأتي بعد مقدمة موسيقية وموال قصير من علاء كانت طفرة في الإحساس وبالنسبة لنا مزج خطير بين موسيقى الشرق اللي متعودين عليها وصور الغرب المبهر لينا، غير أن كلمات الأغنية غاية في العشق والوله بالنسبة لأشعار هذا الوقت مع التأكيد ان الألبوم ده شهد ظهور علاء كمطرب من جيل الشباب بدأ يرتدي نظارة نظر.

في نص التسعينات كان هناك انتاج غزير لعلاء ، انتاج ناجح وان كان لم يحقق نفس الإبهار السابق فكان يخفت سريعاً أو ربما هي سمة التسعينات، وقتها عز عذاب الثانوية العامة وسنوات تحسين المجموع وأول اختبار مشاعر حقيقي لحب المراهقة اللي بينشأ ويترعرع في الدرس كفرصة تواصل طبيعية بين الجنسين، اللي بيخلص لما كل واحد يخش جامعة غير التاني، أو الحب اللي يبدأ في الجامعة ويخلص بعد الأربع سنين إياهم مع استحالة الاتصالات وعدم انتشار المحمول حتى تلك اللحظة. في هذا الوقت العصيب كانت موضة الدويتهات بين مطربين الرجال معروفين ومطربات لسه بيحاولوا، خرجت لنا رائعة علاء "بحبك باستمرار بحبك طول العمر .. يا أجمل ما في البيض يا أحلى ما في السمر" كأنها وعد كده ان مهما حصل - ورغم أنه مبيكملش الحب إياه ده - إلا إنه من أعظم ما حدث.    

السنين تعدي والشبابيك اللي الواحد يبص بيها على الدنيا بقت أكتر وأكبر وساعتها شبابيك علاء مبقتش كفاية أبداً لما خلاص مقدرش يواكب وبقا موضة وخلصت وبقا في اتساع للوارد إلينا من أفلام وأغاني وانترنت واخذ نجم علاء في الأفول. بس تفضل شبابيك زمان ليها مزاج تاني، لما الواحد كبر شوية سنين اكتشف أن نفس الألبومات القديمة دي كان فيه أغاني من أعظم أغاني الحقبة التاريخية دي، فيفضل يحن للشرايط القديمة عشان يسمع الحب ليه صاحب بتاعة أحمد منيب ويعجب قوي بالأعادة الفنية اللي عملها علاء عبد الخالق، ويعجب بالصداقة اللي ناطة من أغاني الدويتو اللي عملها علاء مع حميد الشاعري والواحد مش عارف بيسمع الأغنية عشان كوبليه حميد ولا كوبليه علاء، وهناك أغاني يطغي عليها حزن غير مفهوم رغم حنيتها ومشاعر الحب التي يطفر منها فنسمعها مراراً وتكراراً واحنا بتجتر قصص الحب اللي مراحتش في حته ونقول "اضحك،  رغم الحزن الباقي ... " ، والمفاجأة الأكبر انك تكتشف فجأة ان أغنية "بحبك كون" رمز الحب الرايق الوديع المخلص أغنية وطنية تخبطك في اخرها خالص وعلاء بيقول "بحبك انت يا بلادي".  

 نحن لا نعرف أين علاء، ساب الغنا وبيعمل ايه؟ كيف تكسب قوت يومك يا عبد الخالق؟ هل أثناء سنوات شهرتك الذهبية فتحت محل حلاقة رجالي  أو مطعم مرموق لتتغلب على السنين العجاف التي ستأتي فيما بعد؟ هل حققت كل الأحلام؟ هل انتهى الإبداع؟ هل تجلس وحيداً على كرسي فوتيه ترتدي نظارتك النظر ووراءك مكتبة فيها ألبوماتك كلها وأنت تتحسر على زمن فنك الجميل؟ مقلتلناش ليه يا علاء ان السنين هتتغير وان محدش أصلاً له صاحب؟ ان كمان حميد مش هنعرف هو فين؟وأن جيهان هتختفي؟ وان Whitney Huousten  هتموت في حالة مزرية؟ وحنان ومنى عبد الغني زمايلك في الفرقة هيبطلوا الاتنين غنا ؟

طيب واحنا؟ احنا دلوقتي واحنا في التلاتينات ومتجهين للأربعينات بخطوات سريعة لكن ليست واثقة، يصدر لنا العالم فكرة أننا شفنا كل حاجة وكفاية بص بقا واجب علينا
نقفل الشبابيك ونكتفي! ولكن أين نذهب حين نترك شبابيك الفرجة تلك؟
أقول قولي هذا وأنا ادندن كما قال علاء زمان " بس تعيشي وتفضلي .. تمر السنين ولا تدبلي ..."


ألبومات علاء عبد الخالق 

ربنا يخليلنا ساوند كلاود 

Wednesday, March 26, 2014

ست حقنة

كان سهل قوي زمان واحنا عيال انك تاخد حقـنة .. كان حوالينا دايماً في حد بيدي حقنة ، حد عادي مش دكتور ولا صيدلي ! جارة عزيزة ، صاحبة ماما ، حد جاي يزور في بيت جدتي بالصدفة فتاخد الحقنة بسهولة ، سواء كنت نايم في سريرك لسه الحُمة مكسراك أو اتحسنت شوية فبتلعب وتتنطط عادي كطفل أصيل مبيضيعش وقته  ويندهوك عشان طنط فلانة هنا وممكن تديك الحقنة. و حتى حين يتعذر وجود هذا الحد العادي، كان اخدان الحقنة مشوار لطيف ، يبشر برانديفو شخصي جداً مع ماما لا يشترك فيه أحداً اخر من أفراد الأسرة، مشوار في الشوارع التي كانت زمان تحسها كبيرة جداً والمسافة تحسبها طويلة جداً، ونمشي كتير عشان ممرضة دمها خفيف تديك الحقنة في حين ماما مدياك حضن أمومي عنيف بقصد انك متفلفصش ولو انك مترجم الحضن بحب شديد  يخليك مش حاسس  بالحقنة قوي ، وفي سكة الرجوع هتعدوا تشربوا عصير قصب سوا ويمكن تعدوا تشتروا مجلة ماجد أو سمير أو لغز جديد مش موجود عندنا في رف مكتبة التليفزيون اللي فيه كتب العيال!

الحقنة طول عمرها بايخة، بس بقت أبوخ لما اخدانها بقا متعذر كده اليومين دول! في فترة ما كان لازم لأسباب صحية اني اخد حقنة

كل يوم، وكان عندي مشاكل متعددة في اني اختار ازاي هأخذ الحقنة انهارده. كنت متغاظة جداً من فكرة اني هنزل كل يوم اخد حقنة ، مش ناقصين مشاوير يعني خصوصاً لما نبقى ساكنين في الرابع من غير أسانسير، فلجأنا أول ما لجأنا لأننا نكلم الصيدلية تبعتلنا حد يدي الحقنة، ده كان أول النكد في اني أدرك ان اللي هيدي الحقنة هو الشاب طيار الدليفري اللي والله رغم أدبه مش هقدر حقيقي احط وشي في وشه لو جبلي أدوية بعد كده، ففكرنا كل يوم نغير الصيدلية إلا اني قلت كده تبقى الكسفة متوزعة ومش هقدر أطلب أدوية دليفري بعد كده أبداً والامر حقيقي مايسلمش!  خلاص هاخد الحقنة أثناء نزولي لأداء أي مشوار ،  وكان الصراع اني ألاقي صيديلة فيها مكان مش مكشوف وفتاة ظريفة تديني حقنة! إلا ان الموضوع كان كأني بدور على معدن كربوني نفيس في شوارع الكومباوند اللي احنا ساكنين فيه، يأما الصيدلية مفيهاش مكان انساني غير مجروح اخد فيه الحقنة، يأما الأنسة الدكتورة لسبب ما عجزت عن تفسيره مبتعرقش تدي حقن فهيديهاني برضه شاب الطيار الدليفري! حلى الأخير كان اني ادور على مركز طبي – مستوصف يعني قبل ما الكلمة دي تبيقى بيئة -  وهناك المفروض الاقي ممرضات كتير يدوني الحقنة لكن برضه تعذر وكان التمرجي في الاخر هو صديقي الصدوق أمين سر الحقنة ، عدى الأمر في أول عدة مرات في سلام ، التمرجية تعمل علي شيفتات مما يضمن عدم التعرض لنفس التمرجي أكتر من مرتين والمكان مجهز تماماً لسهولة وأمان أخدان الحقنة! إلا اني في يوم مشئوم بعد ما الراجل جهز الحقنة وانا مش مدية خوانة حسيت بشكة الحقنة من غير مااحس بسقعوية قطنة السبرتو قبلها فاكتشف بلا فكاكة ان التمرجي بيديني الحقنة من غير مايطهر قبلها ولا بعدها لأنه مجابش قطنة بسبرتو أصلاُ ومعهوش غير قطنة ناشفة هو مقتنع انها معقمة لأنها طالعة من الكيس وهو مصر انه مش ضروري قوي يعني وبتحدي بيقول  "طيب يعني أشيل الحقنة تاني ولا اعمل ايه"! اخذنا وصلة خناق وزعيق شهدنا فيها الدكتور والادارية اللي في المركز اللي قعدوا يهدوني وياخدوا بخاطري وهما بيأكدوا ان نسبة التلوث واحد في المليون ويقرر الدكتور المسئول يرجعلي 3 جنية تمن ضرب الحقنة كادو من المركز وربما بدل تلوث... خرجت وسمعت التمرجي من الشباك ببيرطم "أما انت ست حقنة صحيح" ....

ونبي انت بس اللي مش عارف قد ايه طقس الحقنة كان طقس حميمي جليل ... عشان تدي حقنة ضروري تكون شخص قد الحقنة وجايز حقنة انت ذات نفسك!