Friday, December 01, 2000

أسبوع من مذكراتي

فترة ما في شتاء 2000
اليوم الأول
أيامي المغتربة تمر بطيئة مملة، حياة أحياها فقط لأني ما زلت أحيا، لا أشياء أحاول تذكرها ولا أشياء
أتمنى أن تنسى !! اليوم الأول من أسبوع سأقضيه من عمل إلى عمل إلى أشياء يجب أن تقضى .
استيقظت اليوم أشعر شيئا مختلفا، قلق، اضطراب و انتظار مفتعل … حمدا لله جاء يوما فاختلف !؟!

اليوم الثاني
أهداني صديق قصيدة، عن أحد البحارة يهوى أميرة، عيناها في لون البحر الذي يرتاده، ومشاعرها في
قوة الموج الذي يهابه. تخيلتني تلك
الأميرة بعيونها الزرقاء المضيئة، ومشاعرها الصلبة العنيدة، و لمحت عينان من بين أبيات القصيدة، تطل من وراء الأسطر و تلاحقني بنظرات خطيرة، عينان لظل يرتدي ملابس البحارة … بحار شقي يحاول احتلال قلب الأميرة. يحرضني البحار أن أترك معاني القصيدة وأبحر وراء معاني أخرى في عيونه المثيرة

اليوم الثالث
قضيت اليوم أنشغل بأموري التافهة، و أعمالي الكثيرة القليلة، أحاول الانشغال بها عن النظر لأوراق
تحمل قصة البحار و الأميرة، تلك الأوراق ألقيتها أمس بإهمال فوق سطح مكتبي المليء بالأوراق الكثيرة السخيفة، تخونني عيناي فأجدني أحاول التطلع للأوراق علي ألمح العيون المثيرة … و تخونني أصابعي فأجدها تداعب أطراف الأوراق علها تجذب أحد خيوط القصة الغريبة
اليوم الرابع
دعتني صديقة لحضور معرض رسم لفنان زعمت شهرته العظيمة، ذهبت بعد إلحاح و إصرار غريب، انشغلت صديقتي بأشخاص قابلتهم، يناقشون، يحللون و يتضاحكون… انسحبت أجول بين لوحات زيتية كثيرة، لم افهم أغلب تلك الخطوط الملونة الغريبة، وأخذت أكتم ضحكاتي و أنا أشاهد تلك الرتوش الزاهية العجيبة، خط أحمر .. خط أصفر.. و نقاط زرقاء كبيرة… واستوقفتني لوحة زيتية كبيرة معلقة دون اهتمام بين لوحات المعرض الأخرى الثمينة، لوحة لفارس يرتدي ملابس الفرسان القدامى، يختفي بجسده القوي خلف درع عليه نقوش لآله الرومان القديمة و أخذت أحدق في اللوحة الزيتية الكبيرة… عجباً نفس العيون المثيرة، هذه المرة لظل شخص يرتدي ملابس الفرسان القدامى، فارس أنهكته الحروب القاسية و الجيوش العتيدة، فارس يلاحقني بنظرات خطيرة… تحرضني عيون الفارس أن أترك معاني في اللوحة الزيتية الكبيرة و أرحل وراء معاني أخرى في العيون المثيرة. و طفت بعيني و وجدت على الصورة بطاقة صغيرة بخط أسود جميل "محجوزة" !!رر"

اليوم الخامس
استيقظت اليوم و قد تناسيت أمر القصيدة و أمر اللوحة الزيتية الكبيرة، و مارست أعمالي الكثيرة القليلة، مررت حين عودتي بمتجر يبيع اسطوانات موسيقية جميلة، و أخذت انتقي من بين الاسطوانات الكثيرة. التقطت إحداها لموسيقى أسبانية لم أسمع عنها من قبل و إن كانت قد أعجبتني الصورة الملونة على الأسطوانة الجديدة. أدرت الأسطوانة… موسيقى أسبانية كموسيقى الغجر العتيقة تحكي قصة شاعر غجري يهوى أميرة، يفصل بينه و بينها أسوار عالية منيعة، و من بين النغمات الصاخبة السريعة أطلت عيون مثيرة لظل شخص يرتدي ملابس غجرية غريبة و يحمل اله موسيقية قديمة و نظرته ساخرة مثيرة، عيون تبعث نغمات كثيرة و أشعار زجلية رقيقة، و يحرضني الشاعر الغجري أن أترك الحان الأسطوانة الجديدة و أرقص على أنغام أخرى في عيناه المثيرة

اليوم السادس
لم أعد أستطيع تجاهل هاتان العينان الدخيلتان، كل دقيقة أفكر في بحار القصيدة و فارس اللوحة الزيتية الكبيرة، و الشاعر الغجري بملابسه الغجرية الغريبة و نظرته الساخرة المثيرة… و في كل مرة أنا الأميرة!! أسرعت الخطى في طرقات المدينة الكبيرة، طرق ملتفة طويلة، مليئة بأعين كثيرة، أعين شابة و أعين كهلة، أعين طفولية جميلة، أعين منهكة و أخرى قتيلة، و من بين الأعين الكثيرة التقطتني عيون مثيرة تلاحقني بنظرات خطيرة، أسرعت هرباً من تلك العيون المثيرة.ت
و عدت أدراجي و وجدت أحدهم ترك طرداً في انتظاري، طرد تلفه أوراق باهتة قديمة و في الطرد كتاب يضم قصيدة لبحار يهوى أميرة، و لوحة زيتية كبيرة لفارس أنهكته الحروب الكثيرة، و أسطوانة لشاعر غجري له نظرة ساخرة جميلة… و مع الطرد زهرة ذابلة حزينة، حمراء حمرة داكنة فقدت مشاعر كثيرة.
و في المساء زارني ظل يرتدي ملابس لم أتبين إن كانت لبحار أم لأحد الفرسان القدامى، أم تلك الملابس الغجرية الغريبة… همس لي بكلمات كثيرة و قصائد مهملة جميلة، راقصني لساعات طويلة و أهداني زهرة ذابلة حزينة.ت

اليوم السابع
استيقظت و ألم حاد في رأسي، يدق بشدة يؤرقني… حاولت التذكر لم أتمكن، حاولت أن أنسى فلم أتمكن… نظرت حولي لم أجد ذلك الكتاب ذو القصيدة الوحيدة و لا تلك اللوحة الزيتية الكبيرة… بحثت كثيراً لا اثر..أكانت مجرد قصة قصيرة لعبت فيها دور الأميرة الجميلة، خيال نسجته أنا أم تحيكه أنت… و من تكون أنت؟؟ و لمن تكون تلك العيون المثيرة؟؟ أهي لحظة التقى فيها واقعي مع الخيال، خيال أتمناه ، أتمنى قصة حب غريبة، أهوى فيها بحار أراه مرة كل عام و أبحر وراءه في كل ميناء باقي أيام العام… أو أهوى فارس كالفرسان القدامى يحارب من أجلي جيوش عتيدة و يحمل ندوب و جروح دلائل قصته العظيمة… أو شاعر غجري يروي قصتنا الممزقة الحزينة بأشعار منغمة على آلته الموسيقية القديمة ؟؟!! لم أجد إجابة لأسئلتي الحزينة سوى تذكر هاتان العينان المثيرتان…و قضيت يومي أحاول طرد الأفكار الكثيرة و العودة لحياة بها أعمال كثيرة قليلة… و جلست على مكتبي المليء بالأوراق الكثيرة السخيفة، و في إحدى التفاتاتي الشاردة لمحت بين أوراقي السخيفة، زهرة ذابلة حزينة !!و