Thursday, December 05, 2013

العمر اللي بقا حزين

انهارده يوم حزين ؟ ولا كل يوم بقا يوم حزين ؟ طيب شهر حزين ؟ العمر كله يمكن بقا حزين ...

أنا من شوية سنين فاتوا قررت أني مش هكتب كتابة فضفضة ، عيب! أنا عايزة أبقا كاتبة بجد ومهمة ، والكُـتاب اللي بجد مش بيكتبوا فضفضة "خواطر" من الخايبة اللي بتتبعت للمجلات وتتنشر ملو صفحات وجبر خواطر. بس انهارده مش قادرة ، الاحاسيس مرهقة والأفكار عمالة تجري في دماغي تخبط بعض زي كور متشاطة بغشومية مش عارفة توصل لحتة ولا تتحط جون. أفكاري مرتبكة عشان حزينة زي العمر الحزين ...

بقالي شوية بصحى على أخبار وحشة، كل يوم خبر وحش أوحش من اللي قبله! يمكن الأخبار من متشخصنة، بس الوحاشة طاغية! هي الدنيا قاسية قوي كده ولا أنا اللي مكنتش فاهمة.  الوحاشة طاغية وطافحة وقريبة قوي ، الناس وأنا زيهم -  بتتعامل مع الأخبار الوحشة كحاجات بتحصل لللناس التاننين واحنا بقا الناصحين اللي مش الناس التانين.

الموت قريب! الناس اللي قدنا بقم بيتخطفوا كل يوم. الناس اللي قدنا!!؟ يمكن احنا اللي كبرنا واللي قدنا بالطبيعة كبار يدوب يموتوا؟ بس دول بيموتوا وهما قاعدين على الكنبة في البيت من غير ما بيقوا عيانين ولا تعبانين، اه بس منهم برضه اللي بيموت على الدائري ولا بعد صراع قصير مع المرض .. بس الناس دي كانت مليانه دنيا أول امبارح ، ايه اللي حصل!؟ ازاي القلب سكت؟ الناس دي مخلصتش اللي وراهم: وراهم شغل كانوا هيروحوه انهارده وعيال هيصرفوا عليهم ومشاريع وأقساط لسه موفهوش ولا الجمعيات اللي هما داخلينها ولسه ماقبضوش ..طيب بلاش: عندهم سفريات مرتبنها وايميلات كانوا هيبعتوها، وهدوم جاية من المكوجي .. عندهم ناس ملحقوش يقولولهم انهم بيحبوهم وعندهم أحلام لسه بيجروا وراها. فجأة كده الخيط  انقطع؟

 طيب بلاش الكبار اللي قدنا، خلينا في  العيال اللي أصغر مني بيجي أكتر من عشر سنين اللي بيخطفهم الموت في الشوارع عشان بيقولوا كلام مش عاجب ناس تانين ... طيب أمهاتهم حاسين بايه؟ لسه بيحسوا أصلاً؟ هي بعد كسرة الحلم والأمل في شيء يتحس؟ العيال دي مين بيخش امتحانتها في الجامعة ، ديسكاتهم فاضية طيب ، أمهاتهم عملت ايه في المكاتب والاوض المنكوشة اللي كانوا بيتهزقوا عليها في الرايحة والجاية؟

  كم طفل اعرفة عنده سرطان في الدم ، في اخر ست شهور سمعت عن تلاتة ! واحنا في مكان ألعاب من كام أسبوع كان في ولد مع أهله شعره كله واقع ... طيب دول وجعهم عامل ازاي؟ العيال دي فاهمة ايه اللي حصل وليه هما بياخدوا كيماوي واشعاع؟ فاهمين ليه هما مش قادرين يلعبوا وبيجروا ويروحوا المدرسة؟ فاهمين ليه شعرهم وقع؟ طيب الأمهات اللي وجعها من وجع عيالها بيقولي على السرطان يا رب اللي فيك يجي فيا؟ بيقولوا ايه الصبح وبليل وهما بيدوهم الدوا؟

ربنا بيدي الوجع على قد الاحتمال؟ طيب أنا جامدة يا رب وقوية؟ هعرف أخلي بالي من حد محتاجني، كاتبلي ايه يا رب في الأيام الجاية؟ مش مهم اللي بيروح اللي بيروح بيرتاح زي ما اتقالنا. اللي فاضل هيعمل ايه ... اعمل ايه من غيرهم؟ طيب هيعملوا ايه من غيري؟
هيعرفوا أنا شايلة الحاجات اللي بيحتاجوها فين؟ طيب اكتبلهم ورق عليه تعليمات زي ما بعمل وأنا مسافرة؟ اكتبلهم ونبي  ماتزعلوا من غيري!

طيب يا رب أما اجيلك .... هتسامحني صح؟    

لما أروح أكلوا العصافير اللي بيجولنا في البلكونة، متنسوش أنا بحطلهم باقي العيش اللي محدش بياكله ، وساعات بحطلهم كيك من وراكم!    

Sunday, December 01, 2013

يوماً ما سأكون رائعاً ...


سأخرج صنية الكب كيك من الفرن وستكون الكعكات الرائعة ذهبية اللون وجهها كامل الاستدارة ، تضعطين عليها باصبعك لترتد مستديرة كما كانت. هذا ما تقوله صفحات "دليل 101 الكامل للخبز" .. وحين يحدث هذا، حين تخرج الكعكات جميلة باهية بوجه صابح منير ورائحة فانيليا تلف المنزل بأكمله - يومها فقط - سأكون رائعاً.  

يوماً ما حين كنت في الثانية عشر وما بعدها إلى أن انتهت المراهقة – أو لم تنتهي - كنت اتخيل نفسي حين أكبر بصور مختلفة جداً شكلاً عما كنت ممكن أن أكونه، طويلة وشعري أسود طويل وشامة على ذقني كتلك التي كانت لدى اسمهان. وكنت في هذا الخيال ارتدي فستان أزرق سماوي رائق بلا أكمام وأتناول افطار منمق في تراس منزلي الكبير. لا أعلم لماذا كانت هذه الصورة هي المسيطرةعلى شكل أحلامي الأنثوية  ولكن مؤكداً لم أكن أعرف وقتها أننا لن نملك الوقت لنتناول الافطار في التراس أبداً واننا لو امتلكنا تراس فلن يكون كبيراً بالشكل الكافي وسيكون مليئًا بالكراكيب ، أو أننا لن نستطع الخروج بالفساتين اللتي بلا أكمام لأن البلكونة بالطبع مكشوف للمارة والجيران وأنه بالأحرى سنقضي اليوم في بيجاماتنا لكونه امراً أكثر سهولة وراحة.  

يوماً ما وأنا ارتب الكتب التي اقتنيها بعدما  أصبحت المكتبة القديمة لا تتسع لها أكثر من ذلك، انظر لهم كإنجازات أفخر بها فاعلقها على الرفوف. وحي تسألني صديقة في أحد الزيارات "قريتي كل الكتب دي" فأقول لها ليس بعد ولكن يوماً ما!  

قبل أن تدق الثلاثين أجراسها، جلست لأكتب قائمة بالأعمال التي أحب أن امتهنها .. بائعة ورد ، كاتبة مرموقة ، خبيرة خبز ، مذيعة ومقدمة برامج ، مديرة مشروع تنموي، صاحبة مكتبة، مدرسة بالجامعة، لا شيء وكل شىء وأشياء أخرى كثيرة. من المعقد أن لا تعلم في نهاية عشريناتك ما سوف يحدث لمستقبلك، وأكثر تعقيداً ان لا تعلم بعد وأنت في منتصف ثلاثيناتك ماذا تريد أن تكون حين تكبر، معقد لأنك حقاً كبرت.

يوماً ما سينتهى سوء التفاهم الكبير الذي نحياه .. سأستيقظ مبتسمة وأنام راضية .. يومأ ما سأحبك كما لم يحب أحد!! هكذا في العموم في المطلق، فقط ان كنا في زمن اخر في مكان اخر، ستأتي قهوتي على ذوقي ويأتي شايك سكر زائد كما تحبه ويتركنا الخلق لشئوننا.  

يوماً ما سأكون أنحف من هذا عشرة كيلوجرامات وعضلات بطني مشدودة وسأشتري جينز جديد بسهولة دون أن أقضي يومان في البحث. ستكون أظافري دائماً مطلية وشعري دائماً رائع، منسدل على أكتافي أو مرفوع لأعلى، سيكون فقط رائعاً .. يوماً ما، لا أعلم متى، يومأ ما لا يأتي أبداً! 

Thursday, March 07, 2013

عما قالته مـس هانم



"ماهو لو ماتجوزتيهوش هيفضل أمور" - هذا ما قالته مِس هانم مدرسة الزراعة محدثة بنات فصل الثالث ثانوي أدبي في الغرفة المهملة في جانب المدرسة حيث كانت تجلس مع مدرستين أخرتين في حصص أسبوعية ليحدثن البنات عن قصص حياتهن وأسرار بيوتهن بتلقائية عجيبة، وينهين قصصهن ثلك بحِكم نسائية تشكل وعي الطالبات لما قد يحدث فيما بعد.

كلما تشاجرت  نورا مع زوجها تذكرت هشام، وكلما تذكرت هشام غص قلبها. عادي أن يتشاجرا، فهذا ما يفعله المتزوجون .. يتناقشان ، ينفعلان ، يثوران ويلعنان اليوم الذي جمعهما ببعضهما البعض.ومن العادي أيضاً أن تتذكر هشام: مهندس الميكانيكا، طويل وعريض وأبيضاني وحليوة ، هكذا تجمدت صورته في ذهنها. 

تغضب من زوجها لأسباب مختلفة ، ينسى شئ طلبته ، يتجاهل تعليق قالته ، يهديها غسالة أطباق في عيد ميلادها الثلاثين ، تقول أمه شئ لا يعجبها ، يتشاجران على المصاريف أو الأحداث أو أياً كان، لا يهم. 

المهم أنها دائماً تتساءل: أين ذهب هشام؟ كل المشتركين بينهما تقطعت بهم العلاقات كأنهم لم يكونوا أبداً. تركت رقمه مسجل على هاتفها المحمول لا تمسحه مهما بدلت الهاتف رغم أنها لم تطلبه منذ أكثر من عشر أعوام، إلا أنها تتجاوزه بسرعة كلما لاحظته في القائمة أثناء البحث عن رقم أخر.

حاولت أن تتذكر أكثر من ذلك فلا تأتيها إلا مشاعر انتصارات أول العشرينات البلهاء . شاب حليوة يجري وراءها بالمشوار ، ينتظرها تحت مقر عملها ، يرسل لها زهور بلا توقيع ، يشغل لها موسيقة تحبها ، يهديها خاتم في عيد ميلادها ، والأجمل من ذلك أنه لا يعرفها حقاً ولا تعرفه. 

تقرر نورا أن تبحث عن هشام في الفيس بوك، وعلى الغير العادة التي تأتيك بقائمة محيرة جاءتها نتيجه البحث بشخص واحد فقط "هشام رفعت" . إلا إن هشام لا يستخدم صورته الشخصية، تكرر البحث كل فـترة وفي كل مرة الصورة مختلفة:  الأهلى بطل القرن ، صورة الهلال مع الصليب ، صورة علم مصر ، رأيه في التعديلات الدستورية ، صورة الحداد السوداء الشهيرة ، صورة أبو الفتوح أو أبو اسماعيل أو المشير أحمد شفيق ، أو أو أو لا يهم .. كل مرة تغلق نورا الفـيس بوك وتتمتم "هو أكيد أكيد فضل أمور"