Wednesday, September 24, 2008

ربما وقع شيء في قلبها

ذ"نحن بشر ..." هكذا تحدث نفسها. إذا رأته في إحدى الصباحات ، وإذا مر على بالها في بعض الأمسيات .. وهذه الأشياء تحدث أحياناً ، دون أن ندري تحدث!ذ
ذ
جاءت جلسته بجانبها في الإجتماع الكبير، فأحدث في قلبها شيئاً من القلق. تفتعل التركيز فيما يقال وهي تعدل جلستها على الكرسي واضعة ساقاً على الأخرى ثم تحكم شد رِجل بنطالها إلى الأسفل فيلامس القماش الأسود أسفل نقطة في ساقها. يتابع حركتها فيرى الخلخال الرفيع حول ساقها الممتلئة فيشعر باهتزاز المعدن الرقيق والكرات الصغيرة المعلقة به وكأنها في قلبه فيغتاظ منها.ذ
ذ
بين فقرات الاجتماع المهم تقفز بينهما الاستراحات القصيرة، فيأتي الكلام بينهما قلق. تسأله بعدم اكتراث "لست متزوجاً أنت؟ أليس كذلك؟" فيجيبها " كنت متزوجاً، ومطلق منذ أعوام .. اعتبريني فاضي" ضحكت وقالت "كنت أعلم، فلكم هيئة معينة" .. يستنكر كلامها ثم يقول "وكيف هي هذه الهيئة؟ أنت لا تعلمي سخافة الوضع بأي حال، فأنت لم تعيشيه". ذ
ذ
تبتسم فلدى كل امرأة جهاز صغير، رادار يخبرها عن نوايا من حولها. في أول مرة تحدثا فيها، رأت في عينيه هذا الشيء قبل أن يدركه، ثم تأكدت بعد ذلك من إعجابة الذي لم يبح أبداً به. ولكنها أدرى، كلامه يوحي بالكثير وهذا الاحساس لا تخطأة أبداً. ذ
ذ
تضع نظارتها الطبية التي كانت قد خلعتها من دقائق، تتنتحنح وتفتعل الجدية ثم تقول له بحسم "الطلاق ليس وضعاً سخيفاً! الطلاق فرصة لحياة أخرى. فكر قليلاً ستفهمني، أتذكر هذه الفترة التي سبقت زواجك الأول: اللقاءات الأولى، تلك الإشارات والتلميحات، الحب، والخطبة، التجهيزات، والفرح والمعازيم. كل هذه السلسلة من السعادة، أنت الوحيد المسموح لك بتكرارها، وإعادة معيشتها، هل ترى كم أنت محظوظ. أتعلم لو أملك تحديد المصائر، لجعلت لكل فرد فرصتين، فلماذا تغلق حياتك على شريك واحد، لماذا تفترض أنه الأفضل، أليس من المنطق أن تجرب حظك مرة أخرى، ربما كان الثاني فرصة أطيب" ذ
ذ
ثم تقول له "بعد قليل من التفكير، أظن أني سأمنحهم ثلاث فرص وليس اثنان، ولما لا!" ذ
يسألها "اتريدين اقناعي بأنك قد تختارين طلاقاً بلا سبب فقط لتجربي مرة أخرى، ولربما أعجتبك؟" ذ
ترد بحدة نافية ما يقوله "أنا لا أريد طلاقاً، أحدثك فقط عن تكرار الفرص في حياتنا" ثم تصمت. ذ
ذ
تراه كل بضعة أيام فيبعث في قلبها دغدغة محببة، فتربت على جهازها الصغير وتطمئن إلى أن الشيء الذي رصدته مازال قابعاً هناك، بل هو يكبر. لا يعجبها في شئ ولكنه يثير فيها فضولاً حين ترى اهتمامه بها. ترى فيه فرصة ممكنة لما بعد .. وربما هو ينعش فيها رغبة التجربة ... "نحن بشر" تقول لنفسها "ولا أنوي شيئاً من وراء ذلك". ذ
ذ
يمر وقت ولا يحدث أكثر من ذلك ... في مرة تقابل زميلة في إحدي الأروقة، تتحدثا ويأتي ذكره فتعلق عليه بطبيعية مفرطة، وتخبرها الأخرى في سياق عام أنه أخذ أجازة زواجه منذ أسبوع. ينتهي الحديث كما بدأ وتحدث في قلبها قلقلة مزعجة.ذ
ذ
لا يهم ... فهذه الأشياء تحدث .. ونحن بشر، والرادار يخطأ أحياناُ ولكن علينا أن نسدد بأي حال رسم المخالفة.ذ

Thursday, September 18, 2008

كلٌ معـني بشئون غيره

ثلاثون يوماً، تذهب بعدها في موعدها الدوري إلى مركز التجميل .. تدخل وتسألها العاملة على الباب: ذ
حد معين؟ -
تصمت لبرهة تراجع فيها أن اليوم هو الأربعاء .. ثم تجيب العاملة في ثقة وابتسامة خبث
سهى، لو موجود يعني؟ -
ترد العاملة بلا مبالاة: ذ
موجودة ..ذ -
اللعنة، تردد محدثة نفسها وهي تمني نفسها بحل آخر:ذ
هي مش أجازة انهاردة ؟ -
يأتي الرد بلا مبالاة زائدة: ذ
غيرت أجازتها -
في نفسها تلعن حظها العثر، ثم تقول: ذ
خلاص اندهي لها. وتعقب دون أن تنتبه لها العاملة: أصلي معاها من زمان. ذ -
`
تتلقفها سهي بعد ذلك وتجلسها على الكرسي المخصص حيث تبدأ العمل على وجها .. تلف طرف الخيط علي ابهام وسبابة يدها اليمنى جاعلة بينهما انفراجة وطرف الخيط الآخر على ابهام وسبابة يدها اليسرى وبينهما انفراجة أخرى. تضع الخيط من منتصفه المشدود بين شفتيها ثم يعمل رأسها مع أصابعها في حركات سريعة مجيئاً وإياباً. ذ
`
تدنو سهى منها، فيدو رأسها كبيراً جداً وملامحها مرعبة. تغمض عيناها هاربة منها ومن الألم الذي تحدثه بوجها. تترقب اللحظة التي ستبدأ فيها سهى الحديث، وتشيح بنظرها عنها لتبعد البداية أقصي ما يكون. تفطن إلى يديها التي تضعهما باسترخاء على بطنها اعتياداً أثناء الجلوس ، وغالباً ما يحث هذا سهى على أن ترمي بسؤالها. تزيح يداها بسرعة محاولة ألا تلفت نظر الأخرى، لكنها تلحظها فتقترب أكثر من وجها باتسامة باهتة. تتكلم والخيط بين شفتيها، فيخرج صوتها خليط بين عدم الوضوح وشيئاً من الغيظ. ذ
ذ
ها مفيش حاجة في السكة؟ -
لا لسة ... ذ -
ليه كده، هو انت بقالك قد إيه متجوزة ؟ -
تكذب لتخفض من عمر زواجها ثلاثة أعوام وترد عليها: ذ
سنتين. ذ -
ممم ، أنا قلتلك قبل كده، أدي أخرة اللي بيأجل في الأول. ذ -
ذ
يمتقع وجها وهي تفكر بحسرة أن يكون هذا فعلاً انتقام ربها! ذ
ولكنها تستدرك ... لأن سهي لا تعلم. هي لا تعلم أن الله محب وأنه لن ينتقم، وأنها لم تخطأ، وإنها في الأصل لا تعاني كما يعتقد الأخرون، وأنها في الغالب لا تشعر هذا الألم الذي تتخيله الأخرى، وأن رغبتها فيما تسأل عنه ليست هكذا مُلحة، كل ما في الأمر أنها لا تريد الآن ... ذ
ستنطق الآن، ستثور وتغضب، وستخبر سهى ألا تتدخل فيما لا يعنيها، وأنها تراها مقززة جداً بهذه الشفقة المفتعلة التي تبدو في نظراتها، ستصرخ فيها أنها بالكاد تعرفها فهي لا تراها أكثر من عشر دقائق مرة كل شهر. ذ
هكذا تخيلت، كأنها قالت لسهى كل ما تريده، ولكنها لم تقل شئ. ذ
`
بعد فترة صمت تنتهي سهى من عملها وتسألها: ذ

هو أنت اسمك ريهام ولا رشا؟ -
رانيا .. اسمي رانيا -
أيوة أيوة، صح -
تخرج من تحت يديها وهي تدس في كفها بعضاً من المال .. تتحرك مبتعدة وفي قلبها غصة شعورها بأمومتها المعطوبة وغيظها من بني البشر!ذ