Thursday, December 31, 2009

أنا تُـــــــــــــــــــــــهت مني

ما بين آلام الظهر وقباحة الانتفاخ وملل الرحلات المتكررة كل ثلاثين دقيقة إلى الحمام ... اقف أمام المرآة لأراقب نفسي فلا اعرفني! عشرة كيلوهات زيادة ليست بالقليلة، ومع صغر حجمي تتركز جميعها في بطني فيبدو نصفي العلوي كحبة الفول السوداني الممتلئة الصغيرة. ملابسي لا تناسبني فتتقلص إلى قطعة او اثنتين ممكنة ولا اجد ما يسعدني اختياره من ألوان أو طرازات فشكلي ما عاد يعرفني فكأني أتوه من نفسي. انظر إلى بطني المنفوخ ثم اربت عليه وابتعد من أمام المرآة.ذ

ما بين دبلتي التي خلعتها والحضن الذي أصبح مستحيلاُ لأن بطني أمامي عدة أشبار .. يقتلني حنيني إليك! في الصباح أقوم متعبة من النوم الذي لم يعد ممتعاً وفي اليل أصحح وضع المخدات حولي مئة مرة وخلقي أضيق من أن أحدثك أو أخرج معك أو أشاركك أي شئ. كلامنا كله عن الحسابات والمصروفات والأموال التي علينا ادخارها فأنام مقموسة واستيقظ مبوزة وفي الليل بين هذا وذلك أتأملك وأنت تغط في نوم عميق فأتخيل الطفل يشبهك وكيف قد تصبح لدي قريباً نسخة أخرى مصغرة .. ليست أعظم الأمور بالتأكيد لكني اجد الامر ظريف فابتسم وامد كفي نحو كفك فتلتقطه أثناء نومك لا إرادياً وتضغطه إليك.ذ

ما بين الأغراض التي اشتريها وترتيب الملابس وتحضير الحقائب والرغبة المحمومة لانهاء كل شء قبل حضورك، تنتابني تصرفات مرضية غير مبررة .. كأن أريد أن أنظف وأرتب كل ركن في المنزل بهستيريا مفرطة، يقول لي صديقنا الأجنبي أنها ظاهرة معروفة باسم أعراض بناء الأعشاش والتي يتشارك فيها الانسان مع أخواته من الطيور استعداداً لاستقبال الأطفال، استنكر بشدة ولا أصدقه .. ولكني في اليوم التالي رغم كل التعب بعد يوم العمل الطويل أجلس على ركبتي في المطبخ لأبكي أمام بقعة ملتصقة بالسيراميك فشلت جميع مستحضرات التنظيف في ازالتها. وأظل انظر إلى البقعة في الأيام التالية فيخيل لي أنها أكبر، حتى انتهيت إلى ألا أنظر إلى هذا الركن أبداً بعد ذلك.ذ

ما بين نشاطاتي التي هجرتها والأحداث التي اعتذر عنها، يصبح عملي درجة ثانية في حياتي. اجتماع مجموعة الكتب الذي لم اعد احضره منذ شهور، والكتابة التي تقهقرت ، ومشروعي الذي أعامله بجفاء وترفع، يصبح كل شئ غيرك ليس مهما. انسى نفسي وعاداتي بين زيارات الطبيب كل شهر ثم كل أسبوعين ثم كل أسبوع. وأقضي الوقت في اعداد قوائم الأشياء التي أريد شرائها ومكونات الحقائب التي سأعدها، وتصبح كتبي المفضلة هي تلك عن الحمل والولادة وما بينهما وبعدهما، واتصل بأصدقائي جميعهم لأسألهم عن فتوى شراء فوطة الطفل ذات غطاء الرأس قبل الولادة أم بعدها ويصبح أهم قرار هو اختيار أيهما أفضل تلك الأرجوحة الحمراء أم الكرسي الأزرق الهزاز.ذ

ما بين قطع السحاب التي أعلقها في سقف الغرفة لازينها يظهر لي وجهك الصغير بينها كقطعة صغيرة من حلوى المارشميلو .. أزرق فاتح ووردي فاتح وكل الألوان المشرقة الأخرى .. فعلاً انسى نفسي التي كانت تسوف وجودك مؤكدة أن في العمر دائماً متسع. ربما هو احتلال عمرك الصغير الآتي لعمرى الذي يمضي ولكن شيء ما لا أعلمه أخبرني أن العمر الباقي هو الأحلى .. بين كل هذه الأشياء التي تضايقني تتحرك أنت داخلي بخبث جميل لتؤكد لي أنك هنا وأنك الأهم ... هذا التحرك الذي يجعل التأمل لمدة ساعة في خمسة جوارب صغيرة لبنية اللون فعل غاية في المنطقية!ذ

Friday, April 17, 2009

نقص حنية

زمان أيام المراهقة قالت لي صديقتي أن اكثر مشهد يخنقها هو مشهد رجل وامرأة في السيارة، هو يقود بتركيز شديد وهي تنظر من الشباك في اتجاه معاكس تراقب عواميد النور المتتابعة . يومها أقسمنا أنا وهي أن هذا الامر لن يحدث لنا أبداً، سنحرص على ذلك. والآن اعترف أن الأشياء المرعبة أصبحت تتكرر بشكل أكثر رعباً منها وأن الايقاعات أصبحت مختلفة أكثر من اللازم. ذ

اقبض على نفسي كثيراً هذه الأيام وعقلي سارح في ناس غريبة، أشخاص بالكاد أعرفهم.ذ

يهفو قلبي للصيدلي الذي سلمني كيس الأدوية بعد دفع الفلوس لأنه بدا مهتماً وهو يقول لي "ألف سلامة"! فاقضي الطريق من الصيدلية للمنزل وأنا أفكر أنه بدا متأثراً وأقاوم بشدة رغبتي في العودة للصيدلية لأخبره أني أريد أن أجلس لنشرب القهوة سوياً. أن يسألني عن هذا الدواء واحكي له لماذا أتناوله .. أو لأنه صيدلي فهو يعرف أصلاُ فيجلس معي يستمع إلى شكواي من التعب ويؤمّن على الأعراض الجانبية.
هذا لا يحدث لأن الصيدلي لا يتذكر الكثير من الوجوه التي تمر عليه يومياً ولأني لا أعرف حتى اسمه ولأنه يقول "ألف سلامة" كجزء من متطلبات المهنة. ذ

أخرج من عند الطبيب وأنا متعلقة يعينيه الخضراوتين، بعد أن قال لي "معلش عشان أخرّتك كل ده"! أشعر أن متابعته تعني مؤكداً اهتمامه بحالتي .. تسيطر على فكرة أن أسأله البقاء معه فترة أطول استفهم منه ويشرح لي وربما بكيت قليلاً وتحدثت عن مخاوفي فيقوم ليربت على كتفي ويطمئني . ذ
هذا لا يحدث لأنه مشغول وقاعة الانتظار في الخارج تعج بالمرضى .. كما أنه بالكاد يتحدث مع مرضاه، ثلاث دقائق محسوبة لكل مريض، وهو لا يتذكر أسماء المرضى إلا من الملفات التي تدخلها له الممرضة إلى غرفته قبل الكشف. ذ

تحدثت مع مديري عن أشياء تضايقني، فبدا متفهماً جداً، قال لي "عندك حق طبعاً في كل اللي مضايقك" فأشعر أن روحي مبتهجة وأني سأقوم فوراً اربت على يده بقوة فيشد عليها مطمئناً ويهديني باقي اليوم أجازة ، فارتاح لدرجة أن تتملكني الرغبة في أن أحدثه عن أشياء أخرى كثيرة تؤرقني خارج العمل. ذ
هذا لا يحدث لأننا لسنا أصدقاء، ولأنه حين استمع لشكواي فعل هذا كجزء من واجبه كمدير ، وأنه يفعل هذا مع جميع الموظفين لأنه يُحاسب آخر العام على رأي موظفيه فيه. ذ

تتكاثر العلامات التي تخبرني أن سحابة غير صافية تصر على المرور بالنفس، لا ليست تمر بل هي قابعة. في العين دمعة معلقة واقفة على باب الجفن منتظرة، حارقة و ثقيلة ، تجد طريقها أحياناً إلى الخروج فامسحها سريعاً وانهر أخواتها من النزول. أدخل لأنام فأجرب لأول مرة الأرق الذي يبقيني مستيقظة لساعات رغم أني أموت من التعب، أحاول أن اقرأ لاستدعي النوم العاصي إلا أني كلما امسكت كتاب وجدته سخيفاً فاتناول غيره فيبدو أكثر سخفاً وأظل مستيقظة.ذ

اتصل بصديقتي لأقول لها أنا ما خفناه للأسف حدث رغم كل حرصنا إلا أني فجأة وجدته يحدث . لم تلومني لأنها أخبرتني أنه يحدث لها هي الأخرى . فيعزيني أن شعورنا غلى الأقل مشترك ثم نذكر بعضنا البعض أننا سيدات قويات وأننا دائماً نعتمد على أنفسنا في اجترار أحزاننا وتضميد جراحنا وربما أن الامر أبسط مما اعتقدنا أيام المراهقة ووارد الحدوث .. في نهاية المحادثة نحلف قسمنا "ولا يهمنا احنا بنات بميت راجل" !ذ

"بنت بميت راجل .. بنت بميت راجل"ذ
لكني الآن لا أريد أن أكون بميت رجل ولا حتى رجل واحد .. أنا طفلة خائفة .. فقط ينقصني حضن .. حضن واسع كبير يخبأني من العالم ويخبأ العالم عني!ذ

Saturday, February 14, 2009

ميبقــــاش عيب

تريد أن تنجح إذاً عليك أن تتطرف فيما تقدمه من أفكار .. زي الواد الجديد عمرو خالد ده، هوا الي خلى الستات يلبسوا طراطير على دماغهم كده – يقول هذا ويشير إلى- يضيف بعدها على سبيل اللياقة "سورري يعني" ثم يبتلعها بسرعة في تشفي غير مبرر متابعاً " ولا حتى مش سورري"ذ

يستمر في الشرح بأن عمرو قدم فكرة جديدة للنساء الفاضيات أو ربما كن بالضرورة ضائعات.. عموماً كل الناس ضائعون، هذا الكائن الانساني يقضي عمره يبحث عن طريق. لكن عمرو اغوى النساء وهن ابتلعن الطعم فلبسن هذه الأشياء التي لم تغير في عقليتهن شئ – يسألني مباغتاً هل تغيرت شيء؟ – أفتح فمي لأرد لكنه لا ينتظر الرد. ذ
يكمل.. وقد يأتي متطرف آخر ويعلن أن هذا غير كافي وأن الأوجب تغطية الوجه. وهي- يشير لي مرة أخرى - قد تمتثل أو لا، غالباً ستكتفي بالطرطور الذي لا يعني الكثير! ذ

نعود لموضوعنا .. "فإن المشروع الذي نناقشه يعني أن الاقتصاديات الكبرى .... بلا بلا بلا بلا"ذ

ايتسم بعض الناس تحرجاً، وأخفى البعض ضحكهم، وتجهم أخرون .. ذ
أنا كان على أن أصمت التزاماً بحدود الأدب واللياقة واحترام السن ومكانة المتحدث .. ذ
هو في داخله أدرك جيداً أنني لن أرد!ذ

Wednesday, January 21, 2009

البنات الكبيــرات لا يبكيـن

الانسان يميل إلى ملأ المساحات الفارغة .. الانسان يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة. ذ
أكرر الجملتين في سرعة رهيبة فتتلعثم الحروف بطبيعة الحال، أعصر دماغي محاولة التذكر أين سمعتهما. اعتقد أني قرأتهما في كتاب علم النفس للثانوية العامة. احاول أن اتذكر تفسير ذلك ولكني اتراجع بعد أن افطن إلى غباء كتب المدرسة التي لا تفسر لك كل شيء. أجلس في المحاضرة الثقافية، فلا استوعب الكثير مما يقوله المحاضر . اعمل يدي اليمنى في الصفحة المسطرة للمذكرة الصغيرة التي احملها بين يدي. اغلق كل سطرين من جهة اليمين ثم اغلقهما من اليسار. ألون المستطيل الناتج بلون أزرق غامق. ارسم مربعات ينقصها ضلع ثم اغلقها بالضلع الناقص واملأها بالحبر. ربما هناك أشياء لا تحتاج إلي التفسير .. هي تحدث لأنها فقط تريد أن تحدث. ذ

قبل ذلك بساعتين كنت أجلس مع مديري ليلومني على أخذي المواضيع بحساسية مفرطة، وأن مشادة تافهة مع زميل وضيع بقسم أقل أهمية لا يستدعي عصبية متشنجة تؤدي في النهاية إلى بكاء غير مبرر أمام الجميع. فأبدو فجأة بدلاً من سيدة قوية تتقلد منصب إداري في شركة صناعية كبرى إلى فتاة هشة تعالج أمورها ببكاء طفولي فلا تثبت لها حجة وينهي من حولها الموضوع لأنها "صعبت عليهم". لأنه هكذا هو البكاء، يختار أن يأتي بسبب أشياء تافهة فيجعلني أبدو أكثر سخفاً. ينهي المديرحديثه بأن "يجب أن تتمالكي أعصابك ودموعك" .. كأني لا أعلم ذلك، من المؤكد أني لا اهوى البكاء أمام حفنة من الغرباء، صدقني لو استطعت تمالك دموعي لفعلت. ذ

"إنها الهرمونات يا عزيزي .. لعنة النساء أو حجتهم أحياناً" .. أود أن أقول له ذلك ولكني أخجل. أو ربما لأني راجعت الامر وأدركت أني لا امر بأي تغيرات هرمونية في الفترة الحالية ولكنها حجة أحب أن اصدقها. اختار بعد ذلك أن افسر الأمر بأني متوترة من شئ اخر وأنه بالضرورة انعكس على المشادة التافهة .. هي أشياء تحدث فقط لأنها أرادت. ذ

هناك منظر مرعب في شوارع القاهرة المختلفة. سيدة مجذوبة تمشي في الرصيف الوسط بين الشارعين، تعاكس قائدي السيارات ِمن حولها وتقرر فجأة أن تخلع ملابسها في الشارع لتقف بقميصها الداخلي، يلتف حولها الصبية يتفرجون ثم تقرر الرحيل في لحظة مفاجئة. رجل آخر تغطيه القاذورات والأوساخ يمشي في الشارع يجمع أشياء وهمية في شوال قذر، يلقي بنفسه على السيارات ليخيف السائقين ثم يقوم ضاحكاً وهو يترنح، يصرخ في عسكري المرور ثم يقف بدلاً منه لينظم المرور! أكاد اجزم أن في كل منطقة في مصر حالة مشابهة والأغرب أن سكان المنطقة يعتادون المنظر فلا يعودوا يلتـفتون كثيراً، كما أنهم ينشرون قصص مختلفة عن سبب جنوح هؤلاء المجاذيب: فيقولون أن السيدة التي تخلع ملابسها كانت غنية جداً، تزوجت من رجل واطي نصب عليها وأخذ كل أموالها، فجنت وخرجت تهيم في الشوارع على وجهها. أما الرجل الآخر في الحي السابع بمدينة نصر يقولون أنه كان شاب رائع أحب فتاة رفض أهلها زواجهما ففقد عقله فداء لها! ذ
اشعر دائماً ان هذه قد تكون نهايتي. كلما قال لي أحداً أني أبدو أكثر حكمة وعقلاً من سني أفزع! من المؤكد أن من استخدم عقله بدري قد ينفذ منه بدري . سأمشي يوماً ما في الشوارع أبكي عقلي المفقود، فقصص هؤلاء المجانين تبدو غاية في العادية وواردة الحدوث! ذ
ولكني في بعض المواقف اتمنى أن يخونني عقلي فأصاب بانهيار عصبي مثلاً .. هرباً من الموقف ليس إلا. أو ربما تخونني نفسي لأسقط مغشياً على وينتهي الحدث على ذلك. إلا إن أياً من ذلك لا يحدث. رغم كل المسلسلات العربية التي تثبت لنا أنه امر سهل الحدوث إلا أني أظل واقفة، لا انهار ولا يغشي على ... فلا أملك إلا أن ابكي. ذ
البكاء هو الشي الوحيد الذي لا يكف إذا بدأته .. كلما بكيت أكثر كلما أصابت عيناي حساسية ملهبة تجعلني أرغب في البكاء أكثر ... فاتفنن في تذكر كل ما يضايقني وأكومه فوق بعضه البعض لأبكي أكثر. ذ

الاغماء ليس حلاً عموماً، ربما بعض القوى الخارقة قد تكون أفضل .. اتذكر مسلسل أجنبي كنت أراه وأنا صغيرة عن فتاة مراهقة لديها قوي خارقة في تجميد المشاهد حولها حتى تغير شيئاً أو تفكر قليلاً .. ولكن النظرية تقول أن الانسان يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة، لذلك في النهاية يجب أي يكتمل المشهد. ذ

في الندوة اقرر أني لا أريد أن اصاب بالجنون، لذلك ساستشير طبيبة نفسية. قالت لي صديقة عن معالجة نفسية تذهب إليها، امسك التليفون لأبحث عن الرقم بين الأرقام المسجلة .. سأحجز بمجرد ان أخرج من الندوة .. هذا شيء عادي أنا لست مجنونة وصديقتي قالت أن الطبيبة متخصصة في علم النفس، لا توصف أدوية لا تعالج الأمراض العصبية. وهذا يؤكد اني لست مجنونة .. أنا فقط أريد ألا أبكي أمام أحد .. ومؤكد ستجد لي حلاً. ذ

فقط لأن الانسان يميل إلى ملأ المساحات الفارغة فأني في المساء أدخل لأنام بعد أن أحشو نفسي بأشياء فارغة يذيعها التلفزيون، لا أنام إلا بعد أن يهدني التعب .. ولأنه يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة فاني أدثر نفسي جيداً وأحكم الأغطية حولي وأشدها أيضاً لأغطي رأسي .. ولأن الانسان يميل إلى التعلق بالأمل في غد أفضل، فإني استيقظ في صباح اليوم التالي "عادي خالص" .ذ