و بعد العملية ؟
هيجي اثنان من الملايكة و ياخذوكم على الأكيد للجنة
مية بالمية ؟
رح تتأكدوا لما بتساووا العملية
_______________________________
حين يختلط الموت بالانتحارية .. و حين تضيع الأسباب لما تقوم به.. تغيب الرؤية ... و هنا تستشعر اللامبالاة و نفتقد الشعور بأهمية ما تفعل
بحماسة شديدة شاهدت فيلم الجنة الآن ... الحوار بالأعلى (كما اذكره) جاء بالفيلم أثناء اتجاه الشابين بطلي الفيلم للقيام بالمهمة الانتحارية التي اختيروا للقيام بها .. في سؤال يوجهه أحدهم لمسئول الجماعة منظمة العملية
إجابة منظم العملية تأتي مباشرة جداً .. فارغة جداً ... اتعلم ذلك المستوي من الحوار الذي توجهه لطفل لا يعي محاولاً إقناعه بفكرة ما في رأسك و لا تقبل المناقشة .. رد قاطعاً للجدل حاسماً للتساؤل كأنه ينفي عن نفسه تهمة تورطه في اقناع / ارغام الشابين على ما يفعلون .. مؤكداً ببساطة أن ما ينوون فعله هو اسمى ما يكون
الفيلم يعرض قضية العمليات الانتحارية التي اشتد الجدل حولها .. لن اتطرق للناحية الساسية في الفيلم .. أكثر ما يعنيني و يحركني في كل ما أشاهده هو الناحية النفسية ... يعرض الفيلم حالة فريدة من التخبط التي قد يعانيه القائم بعملية انتحارية .. قد يري البعض في هذا غياب للقضية و تهميش لمشاعر الانتحاري .. و لكن آراه أنا قمة المصداقية
كيف لانسان ان يقرر انهاء حياته .. خاصة و هو يري أن ما يفعلة ليس له من النتائج الشيء السريع أو المباشر .. بل هو فعل في سلسلة من المقاومة التي قد نستشعرها أحياناً غير مجدية، كم من عملية انتحارية لم تسفر عن شيء غير انتحار صاحبها
ازيد أيضاً أن قرار الموت هنا ليس مكانه ساحة معركة بما يصحبه من حماسة.. فدائية .. بطولة .. و سرعة اتخاذ قرار .. بل هو هنا قرار الموت البطئ يلزمه تخدير كامل و انعزال عن كل عالمك فتأتيك العزيمة الكاملةأن تقوم به
أنا لست ضد العمليات الانتحارية و لا أري فيها شبهة لانكار الاستشهاد .. فما زال لدينا أسبابنا التي نستطيع الدفاع عنها لأجيال .. و لكني أصبحت استعشر شبهة عدم جدواها .. و أري أنها أصبت تحمّل الموقف العربي و الاسلامي أعباء الدفاع عن مواقفنا و اتجاهاتنا أكثر من التفرغ للقضية نفسها
أصبحنا نقضي الوقت نبرر للمجتمع الخارجي أفعالنا و ندفع عن أنفسنا تهم ممارسة الارهاب .. أنا بجميع الأحوال ضد ممارسة أي أعمال عنف .. قتل .. استشهاد .. انتحار ضد أي مدنيين مهما كانت معتقادهم
جاء ذلك أيضاً على لسان بطلة الفيلم التي ليس بها أي إيحاء فاسطيني حيث كانت تصرخ و تستنكر جدوى ما يفعله الشابين باختيارهم القيام بهذا الانتحار .. مشككة أيضاً في تلك الجنة المتخيلة في أدمغة الاستشهاديين
الفيلم يضع يده على انعدام المغزي الحقيقي وراء هذه العمليات في نفوس القائمين بها .. حيث أوضح التخبط الكائن في نفوس الشابين و الذي أرجعه إلي تخبط المجتمع و النشأة لكل منهما و الذي جعل مواقفهم تتبدل بنهاية الفيلم .. فكلاهما ليس له من رغبة اتمام الفعل إلا أن يفعله ... و لا سبب ملموس فعلي يقبع وراء ذلك. ذ
أوجعني في الفيلم أن أري استقبال الموت و قد أصبح شيئاً عادياً قي المجتمع الفلسطيني .. في أحد
مشاهد بدايات الفيلم .. بعض الفلسطنيون يسيرون مبتحركين بعيداً عن موقف السيارات كل إلى اتجاهه .. حين يدوي صوت انفجار فينحنون جميعاً في نصف انبطاحه بتلقائية شديدة انتظاراً لقصف ما .. تمر ثانيتين فينهضون جميعاً معاودين السير حيث لم يسفر الصوت عن شيء في موقع وجودهم. ذ
استفزني في الفيلم أداء الجماعة المنظمة - و إن كنت اعتقد أن هذا الاداء جاء مقصود - فأثناء تصوير أشرطة رسائل ما قبل الاستشهاد لا نري أي شعور بالاهتمام فنري المنظميين يأكلون وراء الكاميرا و لا يكترثون لما يقول المستشهد، و ببساطة يطلب أحدهم اعادة التسجيل لأن الكاميرا - لعطل ما - لم تسجل ما قاله الشاب ..ذ
أيضاً أفزعتني فكرةأن تكون هذه الأشرطة تؤجر و تباع بعد ذلك في محل تأجير للأشرطة الفيديو .. لم أفهم لما تؤجر أشرطة كهذه ؟؟؟
غاظني أيضاً الفرق الشاسع بين أماكن تواجد الفلسطنين بما تعانيه من فقر و معاناة بالمقارنة مع ما
رأيناه في مجتمع الاسرائلين بتل أبيب و ما يمارسونه من ترف و استقرار .. شيئاً يدفعك داخلياً أن تتمني لهم الموت و إن كان على أيدي هؤلاء الانتحارين المساكين .ذ
يبقي الفيلم محايد بأن لم يفرض أي من الأراء و ترك للمشاهد حرية اختيار الاتجاه الأكثر مواتية له
الفيلم لم يقدم أي موسيقي مصاحبة للمشاهد مما أثر على اندماجي .. لم أكن اعلم أن للموسيقى كل هذا التأثير
اكثر ما لم يعجبني في الفيلم .. أني شعرت أنه افتقد شيئاً من الحميمية .. طوال مدة عرض الفيلم لم استطيع أن اتوحد مع الأبطال .. فقط كأني استرقت النظر فاطلعت عليهم و لكني لم أحيا تخبطهم و لم احسم موقفي كيف سأتصرف إن وجدت معهم.ذ
ببساطة شديدة أقبل الشابين المنتحرين علي القيام بالمهمة المطلوبة لأنهم يروون أن الجنة الآن .. يتصرورون أنه مباشرة بعد اتمام العملية يدركون الجنة و كلاهما له أسبابه في ترك الواقع إلى جنته الافتراضية .. و لكن هل الجنة فعلاً الآن ؟؟ أم هو استخدام الجسد - السلاح الوحيد الباقي - للهرووب من واقع مر إلى أمل غير معلوم ؟