اتنقل محمومة بين القنوات الإخبارية .. ما بين الجزيرة و العربية و مروراً قصيراً بقناة مستقبلك و ارى العداد تعدى الخمسمائة و بجانبه العبارة الشهيرة لأجل لبنان
أتابع الأخبار .. طوال اليوم أقبع أمام التليفزيون ليتفتت قلبي مع تجديد الشريط الإخباري كل عدة دقائق .. مع كل كلمة عاجل تطل بقبحها علينا .. مع كل صورة مؤسفة .. و مع كل الدخان المتصاعد .. مع أصوات المراسلين و الموفدين الذين حفظت أسماءهم ..و اتسائل هل ينتظر لبنان مني شيء ؟؟ اتذكر فيلم باب الشمس .. اتذكر اعتقاد الشعب الفاسطيني وقتها أن النصر قادم بين أقدام الجيش العربي الذي انتظروه و لم يأت .. لم يأت أبداً .. اشعر بتخاذلي أكثر و اتكور حول نفسي و أتابع تسلسل الأخبار
تخنقني كلماتي الساذجة ... عادة لا يهمني حال العرب كثيراً .. دائماً لا ألتفت لأن الخطر بعيد .. مازال الخطر بعيد .. و لكن إنها لبنان مرة آخرى .. تلك التجربة التي عشقت انتصارها على نفسها و رأيت حب شعبها المفرط للحياة .. ها هم يحاصرهم الموت... هذا البلد الجميل .. اللهجة التي أحبها .. كل العظماء الذين خرجوا من هناك و عشقتهم .. اتذكر فيروز و الرحبانية و ماجدة و مخلوف و زياد و مارسيل خليفة .. و نزار الذي أخاله لبنانياً من كثر ما كتب لك يا بيروت .. رفيقاتي الصبايا من المدرسة في الكويت .. تتحجر عيوني بينما يدمع قلبي
أسمع كلمة تقطيع الأوصال في لبنان و اشعر تقطيع أوصالي أنا .. اشعر نفسي تتمزق كما تتمزق الطرق بين بيروت و أطرافها .. نتهار الجسور و تنهار معها كرامتي و اعتقادي في نصر قريب
من بين الصور المعروضة صباحاً .. صور الجثث مخبأة في حقائب من القماش الثقيل .. أحد الحقائب مفتوحة قليلاً يمتد منها ذراع طفل .. ذراع متفحم و لكنه صامد غير مرتخي .. لبنان قوي .. لبنان المحب للحياة سيبقي رغم الجراحات .. هذه الذراع يناديني و يشعرني أن لبنان ينتظر مني شيء .. و إن كنت لا أعلمه
هي الحرب المفتوحة إذاً .. بعد أن أعلن عمرو موسى أمس فشل عملية السلام .. مازال من قلبي سلام لبيروت .. ذ