.... يقول جبران
وعظتني نفسي فعلمتني ألا أحدّ المكان بقولي : هنا و هناك و هنالك . و قبل أن تعظني نفسي كنت إذا ما صرت في موضع في الأرض ظننتني بعيداً عن كل موضع آخر . أما الآن فقد علمت أن مكاناً أحل فيه هو كل مكان . و أن فسحة أشغلها في كل المسافات
_______________________________________________
حيث شهد الوقت الحالي العديد من الأسفار و أحكام الانتقال لي و للمقربين ...و لأن في السفر دروب من الحلم و اللاعقل و من الخيال الذي يتجلى في محاولة أن تشرح لطفل صغير فكرة أن الكون مقسم إلى بلدان كثيرة ليس لك أن تتطرأها إلا بأذون مسبقة و ان العالم على رحابته لا يسمح لك إلا بالتواجد في القطر الذي إليه الانتماء الأول .. و الأصعب أن تصف أن تلك الأقطار منها البعيد و منها القريب .. و أن الانتقال إليها يلزمه الارتحال عبر مختلف الألات و المكن
و الفكرة محببة رغم صعوبتها .. و جميلة رغم قساوتها ففي كل مرة أتساءل كيف أسمح لنفسي بأن تعتلى مجموعة من الحديد و البراغي لتنتقل إلى مكان آخر و كيف أن هذا القرار محفوف بالمخاطر
و حين أصل و افيق أنني ارتحلت إلى بلد أخر و أني في بقعة أخرى من بقاع الأرض .. و تنتابني الدهشة أني مازلت رغم الارتحال كأني في نفس المكان .. و أن مواطن الغرابة و الرغبة في الوصول إلى هنا أو هناك لمراقبة الحياة هنا أو هناك ما هي إلا من صنع البشر و الحضارات .. و أن الرغبة في التواجد منبعها رؤية ما صنعه الغير .. أما الكون الفسيح بمعجزاته الأكبر فلا أرى أننا يمكننا أن نحده بالقول أننا خلقنا هنا و رحلنا إلى هناك و ذاهبين إلى هنالك بل المكان هو حيث أكون أنا و من أرغبهم من حولي