تقول أمي أننا حين نسمع خبر موت يليه خبر موت آخر، فلا بد من أن يكون الثالث قادماً. تكسر عود كبريت خشبي حتى لا يأتي الخبر و نجلس لننتظر
أما جدتي، فحين تأتي سيرة مرض مستعص، مما فشل الطب في علاجه، فإنها تهز كتفيها في حركة رقص شرفية متمتمة "هز يا وز .. هز يا وز". نضحك نحن على ما تفعله، فتأمرنا ناهرة أن نهز أكتافنا مثلها لننفض عنهما سيرة المرض وشروره، فيقلدها الأحفاد كلهم ضاحكين
وأنا بين أمي وجدتي
جدتي ست جميلة، تعشق أن تُـدلل! يقسمون أن كل من رأها في صغرها أراد أن يتزوجها. وتقول هي أن ،فريد الأطرش أرادها أن تشاركه بطولة أحد أعماله، لكن جدنا رفض. هي سكندرية ذات أصول شامية ولديها لكنة في نطقها لبعض الكلمات، تعود إلى تعليمها الفرنسي الذي لم تتلق غيره وإن كانت لم تكمله. ذ
جدتي عصبية جداً، تزوجت في البداية رجلاً أحبته كان له في الفن باع – هو جدي لأمي – أتعبها كثيراً فهي لم تطق عدم استقراره. تزوجت بعد ذلك رجلاً أحبها بجنون – أحسبه جدي أكثر من الأول – وأتعبته هي كثيراً ولكنه يتحملها حتى الآن.ذ
جدتي الجميلة أصبح شعرها خيوط من الفضة تتركها منسدلة على كتفيها وتجلس على الأريكة تتألم من كافة أجزاء جسمها كطفلة لا تتحمل الوجع. وحين تذاع أغنية النهر الخالد لعبد الوهاب بين البرامج على ،التليفزيون المصري، يصاحبها تصوير لخيال سيدة ممتلئة قليلاً ذات شعر طويل تجلس على شط النيل تقول لنا بنبرة دلال وبعضاً من الفخر أنها هي تلك السيدة. ذ
أمي ست جميلة، من يرها يرتاح لها طوالي! أمي محترمة جداً، ملتزمة جداً، ومظهرها محافظ جداً .. تكره الخطأ وتتجنبه، تقسو على نفسها كثيرا لتحافظ على التوازن حولها، وتنسى نفسها لأجل من حولها، هي حمولة وصبورة وبارعة في كتم ألامها. وهي في بحث دائم عن نتائج مثالية وحياة لا تشوبها شائبة.ذ
نبحث في أدراج الصور ونجد مجوعة صور قديمة بالأبيض والأسود، من ضمنها صورة لأمي على شاطئ البحر، مرتدية تنورة سبيعنية قصيرة وقميصاً صيفياً خفيفاً. على ظهر الصورة إهداء إلى أبي يحمل كلمات أغنية "بحلم بيك" لعبد الحليم. حين نضحك ونواجهها بالصورة تنهرنا وتسحبها مننا ولا نجدها أبداً بعد ذلك في درج الصور. ذ
وأنا بين أمي وجدتي
يقولون أني أشبه جدتي شكلاً .. كأني قطعة منها، أنا أراها أجمل مني بمراحل .. أنا مثلها أعشق الغنج ظللت أبحث عن حب يدللني كطفلة متعبة، وحين وجدته تمسكت به ولم أسمح لأحد أن يهدره، يتحملني هو إلى الآن ولا أعلم إلى متى.ذ
أنا مثل أمي في مطاردة دائمة لمثالية غير موجودة... أخاف أن أخطيء. طفولتي قضيتها طفلة مطيعة تلبي أوامر والديها ورغبتهما في أفضل الأبناء، كبرت بعد ذلك لأقضي عمري في حسبان تصرفاتي و متابعة أراء الأخرين حولي، فلا أخطو خطوة إلا بعد أن أجهد عقلي في نتائج ما سأفعله. ذ
وأنا بين أمي وجدتي
لي معتقداتي، أرصد إشارات الكون حولي كي أسلك الطرق المحددة. أضع شريط مجهول الهوية في مشغل الأغاني وأقول أن الأغنية القادمة على حظك أو حظي. في المساء أحضر كتاب وأخبرك أننا سنلعب لعبة الرباعيات، أفتح صفحة عشوائية وأهدي أربع جمل مختارة لك وصفحة أخرى عشوائية بها أربع جمل لي.ذ
أما جدتي، فحين تأتي سيرة مرض مستعص، مما فشل الطب في علاجه، فإنها تهز كتفيها في حركة رقص شرفية متمتمة "هز يا وز .. هز يا وز". نضحك نحن على ما تفعله، فتأمرنا ناهرة أن نهز أكتافنا مثلها لننفض عنهما سيرة المرض وشروره، فيقلدها الأحفاد كلهم ضاحكين
وأنا بين أمي وجدتي
جدتي ست جميلة، تعشق أن تُـدلل! يقسمون أن كل من رأها في صغرها أراد أن يتزوجها. وتقول هي أن ،فريد الأطرش أرادها أن تشاركه بطولة أحد أعماله، لكن جدنا رفض. هي سكندرية ذات أصول شامية ولديها لكنة في نطقها لبعض الكلمات، تعود إلى تعليمها الفرنسي الذي لم تتلق غيره وإن كانت لم تكمله. ذ
جدتي عصبية جداً، تزوجت في البداية رجلاً أحبته كان له في الفن باع – هو جدي لأمي – أتعبها كثيراً فهي لم تطق عدم استقراره. تزوجت بعد ذلك رجلاً أحبها بجنون – أحسبه جدي أكثر من الأول – وأتعبته هي كثيراً ولكنه يتحملها حتى الآن.ذ
جدتي الجميلة أصبح شعرها خيوط من الفضة تتركها منسدلة على كتفيها وتجلس على الأريكة تتألم من كافة أجزاء جسمها كطفلة لا تتحمل الوجع. وحين تذاع أغنية النهر الخالد لعبد الوهاب بين البرامج على ،التليفزيون المصري، يصاحبها تصوير لخيال سيدة ممتلئة قليلاً ذات شعر طويل تجلس على شط النيل تقول لنا بنبرة دلال وبعضاً من الفخر أنها هي تلك السيدة. ذ
أمي ست جميلة، من يرها يرتاح لها طوالي! أمي محترمة جداً، ملتزمة جداً، ومظهرها محافظ جداً .. تكره الخطأ وتتجنبه، تقسو على نفسها كثيرا لتحافظ على التوازن حولها، وتنسى نفسها لأجل من حولها، هي حمولة وصبورة وبارعة في كتم ألامها. وهي في بحث دائم عن نتائج مثالية وحياة لا تشوبها شائبة.ذ
نبحث في أدراج الصور ونجد مجوعة صور قديمة بالأبيض والأسود، من ضمنها صورة لأمي على شاطئ البحر، مرتدية تنورة سبيعنية قصيرة وقميصاً صيفياً خفيفاً. على ظهر الصورة إهداء إلى أبي يحمل كلمات أغنية "بحلم بيك" لعبد الحليم. حين نضحك ونواجهها بالصورة تنهرنا وتسحبها مننا ولا نجدها أبداً بعد ذلك في درج الصور. ذ
وأنا بين أمي وجدتي
يقولون أني أشبه جدتي شكلاً .. كأني قطعة منها، أنا أراها أجمل مني بمراحل .. أنا مثلها أعشق الغنج ظللت أبحث عن حب يدللني كطفلة متعبة، وحين وجدته تمسكت به ولم أسمح لأحد أن يهدره، يتحملني هو إلى الآن ولا أعلم إلى متى.ذ
أنا مثل أمي في مطاردة دائمة لمثالية غير موجودة... أخاف أن أخطيء. طفولتي قضيتها طفلة مطيعة تلبي أوامر والديها ورغبتهما في أفضل الأبناء، كبرت بعد ذلك لأقضي عمري في حسبان تصرفاتي و متابعة أراء الأخرين حولي، فلا أخطو خطوة إلا بعد أن أجهد عقلي في نتائج ما سأفعله. ذ
وأنا بين أمي وجدتي
لي معتقداتي، أرصد إشارات الكون حولي كي أسلك الطرق المحددة. أضع شريط مجهول الهوية في مشغل الأغاني وأقول أن الأغنية القادمة على حظك أو حظي. في المساء أحضر كتاب وأخبرك أننا سنلعب لعبة الرباعيات، أفتح صفحة عشوائية وأهدي أربع جمل مختارة لك وصفحة أخرى عشوائية بها أربع جمل لي.ذ
بعدها أجلس وأفكر... فأنا أؤمن بإشارات الكون لي، كما أؤمن بكبريت أمي الخشبي وهزة كتف جدتي، أنا أؤمن بخرافاتنا، وأؤمن بأمي وجدتي
`