Saturday, October 11, 2008

الرقص على السلالم

قالوا لي "هذا مفترق طرق" ... وأنا قلت "هذا كلام كبير!" ذ

لم يراودني النوم بعد لكني أستلقي على فراشي في خدرٍ لذيذ. أعقد كفاي على صدري لفترة ثم أملّ فأرفع ذراعاي وأعقدهما لتتوسدهما رأسي، هكذا لساعات وأنا أمارس عادتي المفضلة "الحملقة في السقف". ذ

أنا ... "أنا شخص فاشل" .. لا ... "أنا حيوان خرافي ضخم، غامق اللون، لزج، لحمه متساقط من جميع الجوانب، يسير ببطء، أنا كائن غبي" ... لا ... "أنا طفل تائه، يتلفت حولة فلا يجد أمه، وبيصر نفسه قصيراً جداُ وسط جموع من الناس الطوال الضخام يسيرون في جميع الاتجاهات ولا يلحظون الكائن الضئيل الذي يمرون بجانبه فبالكاد يصل لمنتصف سيقانهم، لذلك لا يسمعون بكائه ثم أيضاً لا يسمعون صراخه" .. لا لا .. "أنا لا شئ، أنا كتلة صماء بلا نفع". ذ

يتطلع فيّ السقف وأتطلع فيه .. أري في مساحته البيضاء رعبي الدائم من الدنيا الواسعة والعالم الكبير. على لوحة السقف أرى نفسي في المنتصف وحولي الطرق متفرعة، كل طريق يغريك بأنه الأفضل والأنسب والأنجح، أربع طرق، خمس طرق، بل أكثر، وتبدو جميعها متشابهة. في المفترق أجلس وحولي تناثرت سنوات عمري، تتقافز هنا وهناك، تقترب ثم تبعد كأنها تؤكد لي قدرتها على التسرب. على ظهري حقيبة أحمل بها كل ما استطعت جمعه في تلك السنوات من مواقف، وخبرات، وأدوات بسيطة، وبعض الأشياء التي اعتقد أني تعلمتها. أفتح الحقيبة وأفرغ محتوياتها على الأرض، ألتقط بعض الأشياء ثم أرتاح في جلستي وأبدأ في غزل أحلامي لتخرج بأشكال وصور متنوعة. ذ

ألملم أغراضي وتهدأ سنوات عمري المتقافزة، ألتقط من على الأرض ورقة صغيرة باقية ثم أقوم. أقرأ من الورقة بصوت عال "قـالوا لنا في ورش التنمية الذاتية أننا يجب أن نحدد أهدافنا، وأهدافنا ستحدد لنا الطرق التي سنسلكها. وإذا في يوم ما اعترتنا الحيرة أمام اختيار أحد الطرق فإن علينا حينها أن نعود لصورة مسبقة نكون قد حددناها عن كيف نتمنى أن نرى أنفسنا بعد خمس أو عشر أو عشرون عاماً من الآن ... فإذا كان الإختيار لا يخدم بأي شكل الصورة المرسومة فعلينا وقتها أن نتجاهله بعدم اكتراث!" ذ

قالوا لي أني في مفترق طرق ..أركز لأحدد أهدافي كما تعلمت ولكن تختلط على كثيراً الصور التي أريدها لنفسي بعد خمس أو عشر أو عشرون عاماً من الآن، ولكني أجرب حظي. أخذ أول حلم غزلته وأجري في أحد الطرق، أجري أجري حتى أبلغ المنتصف، يعتريني بعض الملل كأن الحلم ليس حلمي، كأنه فجأة لم يعد يناسبني، أزهد فيه وأتركه، وأعود وأنا أجر ورائي بعض الدروس المستفادة. ذ

أنا في مفترق طرق ... أقرر بعدها أنه ربما على طلب المساعدة .. أتعلم من الأخرين: أمسك بحلم أخر وأسلك هذا الطريق الذي دلني عليه الناس، لأنه مضمون، لأنهم مشوا فيه قبلي، لأنهم أشاروا علي أن هذا النجاح وأنا نفذت طمعاً في الرضا والوصول. أمشي حتى المنتصف ثم أدرك أن أحلام بعض النـاس لا تصلح بالضرورة لترضي أناس أخرين، أعـود مرة أخرى إلى المفترق وخلفي حلمي الخائب الذي لم يـتحقق. ذ

وهكذا دائماً أزهد في المنتصف، دائماً في منطقة البين بين، لا أظل في البداية ولا أنهي الطريق، هكذا أرقص على جميع السلالم .. ثم أعود للمفترق! أغمض عيناي ثم أفتتحهما مرات حتى تغيم صورة السقف وأسقط في نوم تَعِب. ذ

صباحاً أقف أمام مرأتي قبل خروجي من المنزل، أنظر جيداً إلى وجهي. أتذكر صديقة قالت لي أنها تراني امرأة ساحرة، تقول أنها لاحظتني أثناء حفلة ما كنت أتحدث وأبتسم وأتحرك واثقة بين الجموع، فوجدتني ساحرة. صديق أخر قال لي أيضاً أني نموذج لكائن حر، محدداً أهدافه وعالماً باختياراته.
أدقق النظر في المرأة لا أراني ساحرة .. ومؤكداً أنا لست انسان حر! تباً لورش التنمية الذاتية ذات الحلول البالية .. فكل ذات أعلم بنفسها، وإن كانت ذاتي عجزت عن الإبصار. ذ

10 comments:

Anonymous said...

well ya Dido... this was amazing... I guess you simply discribed a status we all pass through for at least once in our lives... mafeesh 7ad ma3addash be e7sas "moftara2 eltoro2" or "el bein bein" wel "ra2s 3al sellem"... but the importatn thing is to be able to actually know what to do, which route to take, and have an attitude and a vision to what you really want.... it doenst have to be a very clear one... but at least an outline to it....

Begad this was beautiful... anyways, speaking of "el bein bein" status, I read an article once by AHmed Khaled Tawfik called "la3anat el wad3 el wasat", I will try to search for it and send it to u... As for now, I will leave u with a quote from taghreedet el baga3a book...

“البين بين هو أصعب ما ينحدر إليه المرء… كان مدرسنا بالمدرسة الإبتدائية يقول لنا إنه لا يتذكر أحداً من تلاميذه باستثناء المتفوق الفذ والفاشل المتمرد خميرة النكد… حين كان تلميذ من فصلنا يتفوق في شئ كالخطابة أو الإجابة السليمة أمام المفتش أو اللباقة أمام مسئول… كانوا يبلغون مدير المدرسة بأن تلميذاً من فصل خليل فعل كذا وكذا… وشيئاً فشيئاً أصبح خليل الفاشل الشقي المدمر هو العلَامة لفصلنا، ثم لمدرستنا…”

Anonymous said...

The experience is very well described.. and the accompanied feelings as well. BRAVO ya bent ya Dido enty :)

I agree with Rou; you've described a state each one of us goes through at a certain point of our lives. And I have to admit it is a very bad state. I feel lousy when I find out that the road I took is not interesting any more to me.. that I am not jumping around for this goal anymore.

One last thing, do we really have to know what we want to be in 15 years?! I have no clue!

monasosh said...

انشكحت لما شفتك, و بعدين انا كمان باقرا كتاب الاعترافات دلوقتي. تأثير الأخ هلال شومان
:)

Eman M said...

يا تفاصيلك
You described the feelings exactly ya didos indeed.

ihapoof said...

أنا ماشفتش حد بيعبر عن حاله التوهان و الدهوله بالدقه دى .. عادة التايه بيبقى مشوش و الصوره عنده مش واضحه هلاميه .. أنت ماشاء الله الصور واضحه ومعبره عن حاله توهان أوى .. زى
ماتكونى شايفاها من بره

Cheer up .. at least .. u know how to describe undescribable feelings
u just have to focus .. and u will get the right way (isa)

واللعنه على ورش التنميه الذاتيه :)

mohra said...

العين التى ستعجز عن الابصار اليوم سترى غدا
مجرد ادراكى ان احلام الناس ليست احلامى بالضروره...هو نصف الطريق

Doaa Samir said...

لما بصيتِ إنتِ في المراية، شفت نفسي. وقبل ما تبصي في المراية قلت: "ديدو كتبت اللي دودو -مرة أدلع نفسي- حاسة بيه". وكان نفسي أوي أكون عارفاكِ وتكوني قاعدة قدامي عشان كان رد فعلي للي كتبتيه هيبقى مختلف خالص عن الكلام.. كان هيبقى أوجز وأجمل وأعمق. بس طالما مفيش غير الكلام وسيط فالمشكلة مش بس في مفترق طرق. المشكلة لما تكون الطرق المطروحة قصادك مش من نفسك وربما يكون فيها تحقيق لآمال آخرين أو اتقاء فشل آخرين! والأسوأ من ده كله إن الواحد مش يكون عنده إلا طريق واحد مغموس في اللون الرمادي زي ما مرة كتبت في كروان فيكون الطريق ده هو المفترق الوحيد المؤدي لنفس الطريق إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا! أو يكون الواحد أو بالتحديد الواحدة في مفترق طرق لم تحن بعد ومش في ايدها إنها تعبّدها وتسفلتها وتمدها قصادها.. بس كلام الناس وإلحاحهم على اتخاذ القرارت المصيرية هو اللي بيخليها برضه حاسة إنها في مقترق طرق! د

وصفت فأبدعت يا ديدو يا جميل
(:

-_- said...

أنا في مفترق طرق

الكلمة دي بقولها في اليوم خمسين مرة

وظيفة مصر said...

9. دهب أكبر شركات التوظيف فى الشرق الأوسط. مع دهب ، شركات الخليج والمملكة العربية السعودية بين يديك. نقف بجانبك ونمد يد العون لك فى مستقبلك الوظيفى. دهب تخفف عنك عناء البحث الشاق عن الوظيفة المناسبة. دهب توفر جميع الوظائف لكافة المؤهلات. مع شركة دهب ، لا داعى للقلق أو الخوف من المستقبل.

كليك بانك said...

شكرا ع الموضوع