تباغتني الحقيقة المُرة .. الناس تكبر! لا، عليّ أن أواجه الحقيقة بشجاعة أكثر.. أنا كبرت. ذ
ذ
ذ
أقف أمام شباك شئون الطلبة ,أقول للسيدة المتأففة الواقفة بالداخل أني أريد شهادة مفصلة بدرجاتي خلال سنين الدراسة وأضيف بعدها "دفعة 2000" .. تنظر لي بقرف وتخبرني أن أتوجه إلى القاعة الواقعة في أخر الممر إلى مكتب "شئون الخريجين". ذ
ذ
ذ
هناك حقائق تخبطنا فجأة فنفيق على قوة نورها أو حتى ظلمتها ... أثناء الانتقال من وظيفة لأخرى يصبح لدي مساحة فارغة من عشرة أيام إلى أسبوعين، عادة اقضيها في الانتقال بين المصالح والهيئات الحكومية لاتمام أوراقي واستخراج بعض المستندات التي لا يسعفني وقتي أيام العمل لاتمامها. استيقظ بكسل لأتوجه إلى جامعة عين شمس، عليّ اليوم استخراج شهادة درجات تفصيلية للأربع سنين الدراسية التي قضيتها بالجامعة. ذ
ذ
ذ
جاء قرار استخراج الشهادة، بعد أن قضيت عدة أيام أبحث في أدراجي عن نسخة منها كنت قد استخرجتها سابقاً .. عبثاً، فعادة حين تبحث عن شئ فإنك لا تجده – هذه حكمة معروفة، ولكني عاندتها بغباء ربما تثبت لي الحكمة فشلها. ذ
ذ
ذ
أنا مصابة بهوس الكراكيب، المساحات لا تعني شيئًا دون تلك الأشياء التافهة التي أودعها بها. أمنيتي أن تتاح لي كل المساحات الممكنة لتبقى فيها أشيائي مطمئنة. فلا أضطر مثلاً لأن أتخلص من كتاب قديم حتى ولو لم يعجبني لأن رفوف الكتب لم تعد تستوعب أكثر مما تحمله وأصبحت الكتب ملقاة على جميع الأسطح المحيطة، ولا أن أرمي رزمة من الأوراق التي سبق أن كتبت فيها ملاحظتي أثناء درس الفلسفة في الثانوية العامة حيث أني لم أتخصص في الفلسفة وكانت أخر علاقتي بهذه الأوراق عام 96، ولا مثلاً أن أرمي أو أعيد استخدام شريط "افتكرني" لمصطفى قمر الذي اشتريته اعتقاداً في حب مراهق لم يتحقق، فأرميه الآن لأنه لم يعد لدينا أصلاً مشغل لشرائط الكاسيت وأصبحت الموسيقى كلها متاحة على الانترنت بسهولة ... ناهيك عن ألبومات الصور، والملابس القديمة، والمجلات التافهة، والمقالات المختلفة التي قصصتها من جرائد مختلفة، وهدايا السفر، وكروت المعايدة، وبعض الألعاب الباقية من الطفولة .. والذكريات ... الذكريات الكثيرة. ذ
ذ
ذ
في بيتي الجديد غرفة خالية من الأثاث، تركناها غير مفروشة لأنها زائدة عن حاجتنا الحالية وربما نحتاجها فيما بعد لخططنا المستقبلية. لكن الغرفة ظلت خالية وتحولت مع الوقت إلى مخزن لكل ما أرى ضرورة الاحتفاظ به رغم عدم وجود مكان له في المنزل. أنا لا أعلم لماذا أقول بيتي الجديد، أسكنه منذ ثلاث أعوام، ربما لأستطيع الإشارة إلى بيتي القديم حيث أمي وأخواتي وكراكيبي القديمة. أول ما انتقلت، كنت أحن إلى غرفتي جداً فقررت أنا أخذ مكتبي القديم – بكراكيبه – ورحبت أمي جداً لأني هكذا أريحها من بعض التكدس. أودعت المكتب بالغرفة الخالية ونظرت له بحنان وكأني اطمئن على أني احضرت بعضاً مني إلى البيت الجديد.ذ
مر الوقت وابتلعت الكراكيب الغرفة .. كلما زارني أحد أغلق باب الغرفة جيداً وأقول للناس وأنا أصحبهم بعيداً عنها – دي بقا أوضة الفيران. ذ
ذ
مر الوقت وابتلعت الكراكيب الغرفة .. كلما زارني أحد أغلق باب الغرفة جيداً وأقول للناس وأنا أصحبهم بعيداً عنها – دي بقا أوضة الفيران. ذ
ذ
جننني البحث عن الورقة ... فقمت في صباح اليوم التالي عازمة أن أخوض كارثة أدراجي بحسم. سأضع حد لما أنا فيه! أبحث على الانترنت عن أفكار سهلة للتخلص من الكراكيب وتأتيني نتائج البحث بأن أتخلص من كل ما لم أرجع إليه أو استخدمه خلال السنة فائتة.ذ
ذ
ذ
كأن في قلبي ثقب ... كأن في قلبي حفرة ... هكذا شعرت حين قررت أن أرمي هذه الأشياء التي حيرني احتفاظي بها وأنا ابحث عن الشهادة. جمعتها كلها في كومة كبيرة على الأرض وجلست جانبها أحدق بها ثم تركتها دون أن أرميها. ذ
ذ
ذ
اليوم ذهبت إلى الجامعة؛ كالغريبة أمشي في مكان كنت أدخله يومياً لأربعة أعوام متتالية ... كنت واثقة جداً حين أدخله، أعرف الناس كلهم بالداخل، اعرف الأماكن، اعرف ماذا سأفعل وكيف سأقضي وقتي. أما الآن، أنا لست بمكاني .. انظر لنفسي بالكعب العالي وحقيبة يد نسائية صغيرة وملابس رسمية من الرمادي والأبيض فافطن إلى أني بالضرورة أبدو خارج السياق، انظر للبنات والأولاد حولي ، أتأكد أني لم اعد انتمي. أخذت الورقة من مكتب شئون الخريجين وأنا أفكر "يــاه .. احنا كبرنا قوي"ذ
حين عدت للمنزل دخلت إلى الغرفة ونظرت بحنين إلى الكومة التي حضًرتها بالأمس، كأنها كل ما تبقى لي.. أجلس جانبها وأفضها بسعادة وأنا اعيد الأشياء إلى أماكنها. يُسد الثقب في قلبي وارتاح. ذ
أخلص إلى نتيجة واحدة ... العمر طبق كبير .. مساحة واسعة، كل خطوة أخذتها أحدثت به نقشاً. وكل ذكرياتي الحلوة المُرّة، كل نجاحاتي وانجازاتي وحتى فشلي، كلها قطع السكر منثورة على صفحة العمر الواسع .. وللسكر حلاوة لا نستطيع مقاومتها، ولذلك نحتفظ بذكرياتنا على شكل كراكيب تـذكرنا بالعمر الذي مضى!ذ
ذ
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
`
ذ* العنوان من أوبريت اللعبة للأطفال – أداء الفنانة نيللي
29 comments:
حلوة أوى
:)
نقس الفكرة برضوه عندى كراكيب يامة أوى فى أوضتى و كل فترة و التانية لما كنت بزهق من كترتها كنت بتخلص منها
المشكلة إنى إكتشفت إنى من وقت للتانى لما بكون بدور فى كراكيبى القديمة و ببقى عارف إن فيه حاجات ناقصة بحس إنى خسرت حتة من ذكرياتى
))
حلوة ، بنت اكتبى كتير ، انا بستمتع جدا وانا بقرالك.. انا كمان كنت بحب الكراكيب.. بس فى نفس الوقت بكره الفوضى ، لذا فتخلصت من معظم كراكيبى ، وسمحت للأشياء صغيرة الحجم مثل تذاكر السينما وكشاكيل مذكراتى واشياء خفيفة .. نصيحه شيلى الورق بتاعك المهم كله فى دوسية واحد واحفظيه بعيدا عن الفوضى .
مش عارفة أقولك إيه!!! (:
أولاً، أنا إنفجرت في الضحك بصوت عالي على موضوع "أوضة الفئران ديه". إنتي مسخرةةةةة (:
التشبيه اللي في آخر فقرة أكثر من رائع! النقش والسكر... أوريجينال جداً جداً جداً.
(: ويا رب يخليلنا كراكيبنا
>> ماشي الطريق
أنا أكيد اتخلصت من شوية كراكيب في السكة برضة وإلا كانت الكراكيب ردمتني، بس مايمتعش في حاجات لا يمكن استغنى عنها .. مبسوطة أن البوست عجبك .. نورت
>> radwa
يا رضوى أنا بفرح قوي قوي لما أعرف انك متابعة المدونة .. وشهادة غالية يا كاتبة يا كبيرة انه تستمتعي بكتابتي!ـ
متخافيش عليا أنا رغم الكراكيب منظمة والله والورق المهم في ملف زي ما قلت .. دي حتة خيال كده لزوم الحدوته ما تكمل
>> Mayo el samaka
يا رب يخليلنا كل كراكيبنا ويزيدها كمان ... تسلملي تعليقاتك الجميلة الاوريجينال
;)
المشكلة يا ديدو في الحاجات إللي مش بتمثل لينا حاجة بس مهمة ولازم نشيلها وقدام كده بنضطر نرمي حاجات ليها مكان جوانا !!!!
كالعادة رائعة رائعة رائعة !!!!
I was waiting for this one :D
sweet...I loved the last paragraph awi awi
ya Dido, I dont believe any of us wouldnt relate to what you wrote here... I too have an obsession towards keeping old stuff... and I too cannot take the step of letting them go... i feel that if I did, I would be letting go of my life... my past... of... me...
Although, I have nothing to do with this old "me"... but... mesh 3arfa... it's very hard to let go... it's like erasing your history...
I wont say it's beautiful... becasue it's more...
>> yasmeen
Thank you ya batta .. ana far7ana enek ba2ety betseby comments finally!
عارفة بقا .. أنا مش هعمل كده تاني وهشيل بس كل الحاجات اللي انا شايفاه مهمة
واذا كان عاجب بقا
;)
>> Nerro
I have to say that this post was open for over a month, and only your encouraging message made me finish it .. I have to thank you my dear friend
>> Rou
more than beautiful is too much for me :):)
I think ya Rou enno although we are much much different than our old selves, still it is our past and it is what made our current selves ...
mesh 3arfa I always think and cherish the past more ... sigh ***
متفقة معاكي ان الكراكيب دي هيا الل بتحلي أيامنا :)
sob7an ALAH
kont faker en ana el wa7eed eli 3andi el marad da :D
esloob hayel fel ktaba we baseet mafhosh takleef , 3agabni gdan . el 7aneen le zaman we ayam zaman da aktar 7aga momken te2asar feya .
keep on the good work
regards
wow dido !!
this is very good .. i loved it
am sure it touches everyone who reads it ..
because it's very true ..
we'r growing ..
growing old !
فكرتيني بالجامعة وبالشؤون..ذكريات سيئة بصراحة انك تروحي تقضي مصلحة حكومية في مصر
انا كمان مش بحب ارمي اي حاجة..كل حاجة امتلكتها في يوم من الايام كانت لسبب معين..لو الحاجة دي اترمت هنسى السبب وهنسى الذكرى...ومش بحب انسى الذكرى ابدا
اه بنكبر..ما باليد حيلة يافندم
OMG
ta2reban this is the MOST touching piece I have read for u ya didos.
it touches me awy w akeed it touches everyone, 3ashan kollena mesh benb2a 3aizeen nermi ay 7aga betfakarna b zekryatna
begad chapeau for this piece.
جميلة قوي قوي قوي يا دينا.. فكرتيني بنفسي جدا كمان.. إحنا زي بعض في الحتة دي.. خرم في القلب..آآآي
:)
>> تسنيم
عندك حق طبعاً، مفيش أحلى من الكراكيب
>> 3ali
lol .. wade7 en el marad motafashi, shayef el comments kol el nass are in love with karakeeb :)
Glad you Liked the post .. Plz visit again!
>> Yousy
Yah dear .. we are growing old as you said! lets just grow happily :) thanks sweets
>> بيسو
أنت حتقوليلي على شئون الطلبة! ربنا هيحاسبهم على اللي بيعملوه فينا بجد
شكراً على التعليق
>> eman
Thanks a lot dear :) ana far7ana awy you liked the post, ya rab dayman! bass I didnt ever think you are in love with karakib. Shaklek Monazamma keda :D
>> nour
احنا زي بعد أكيد
we have thing in common no doubt :)
wa7shteeny ba2a ! feen ur posts!?
حلوة بجد.. جميلة
انا ملاحظة انك مع الوقت اسلوبك بيزداد نضجا
وبالنسبة للاوضة الفاضية اللي بتتحول مع الوقت لاوضة الفيران فدا عادي جدا.. بيتهيالي كل العرايس المتجوزين بقالهم سنة او اتنين او تلاتة بيعانوا من نفس الحكاية
بس انا النهاردة تمردت على اوضة الكراكيب وقررت اقوم بثورة ، والحمد لله الثورة نجحت جزئيا
عقبالك
كبرنا قوى فعلا
جميله يا دينا
انا كمان كان عندى كراكيب كتيره مرتبطه بيها لكن بدأت اتخلص منها لما اضطريت انضف بنفسى :))))))))))
كمان عندى نفس مشكله الكتب ...فى كل حته...مش عارفه اعمل ايه
اضغاث احلام حلوه لكن السكر احلى و احلى
أخلص إلى نتيجة واحدة ... العمر طبق كبير .. مساحة واسعة، كل خطوة أخذتها أحدثت به نقشاً. وكل ذكرياتي الحلوة المُرّة، كل نجاحاتي وانجازاتي وحتى فشلي، كلها قطع السكر منثورة على صفحة العمر الواسع .. وللسكر حلاوة لا نستطيع مقاومتها، ولذلك نحتفظ بذكرياتنا على شكل كراكيب تـذكرنا بالعمر الذي مضى
!
جميييييييييلة أووووي
really enjoyed the post
وعرفت كمان ان الأغنية لنيلي قبل ماتقولي
شفتي أنا شاطرة أزاااااااي
عندما نرتطم بذلك الحائط الخيالى و نعجز حتى عن التفكير فى مجرد اجتيازه .يتبقى لنا بعض من اشياء تنتمى الى قلوبنا , انها ليست مجرد اشياء , انها دليل على وجودنا فى هذه الدنيا المزدحمه , دليل على اجتيازنا لكثير من الجدران , ربما كانت اصغر اسهل عالاقل مرئيه .
نهمنا الشديد فى الاحتفاظ باشياء من الماضى , هى نفس تلك الرغبه فى البحث عن اشياء جديده واجتياز مزيدا من الجدران
ويبقى السؤال قائما عالدوام ... هل نحن من نصنع تلك الجدران . ام هى التى تصنع منا اشياء تبقى قابعه بدون حراك كالتى تعجزين عن التخلص منها ..
بحب اللاغنية دى جدااااااااااااااااااا
كنت بحب الاغنية دى كتيييييييير
فين الجديد .. ؟؟
جددوا موضوعتكم .. رجاءاً :)
Allah is with you ... :)
الله معكم .. اتمنى عرض الجديد بأستمرار
مدونه رائعه
9. دهب أكبر شركات التوظيف فى الشرق الأوسط. مع دهب ، شركات الخليج والمملكة العربية السعودية بين يديك. نقف بجانبك ونمد يد العون لك فى مستقبلك الوظيفى. دهب تخفف عنك عناء البحث الشاق عن الوظيفة المناسبة. دهب توفر جميع الوظائف لكافة المؤهلات. مع شركة دهب ، لا داعى للقلق أو الخوف من المستقبل.
شكرا ع الموضوع
Post a Comment