الانسان يميل إلى ملأ المساحات الفارغة .. الانسان يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة. ذ
أكرر الجملتين في سرعة رهيبة فتتلعثم الحروف بطبيعة الحال، أعصر دماغي محاولة التذكر أين سمعتهما. اعتقد أني قرأتهما في كتاب علم النفس للثانوية العامة. احاول أن اتذكر تفسير ذلك ولكني اتراجع بعد أن افطن إلى غباء كتب المدرسة التي لا تفسر لك كل شيء. أجلس في المحاضرة الثقافية، فلا استوعب الكثير مما يقوله المحاضر . اعمل يدي اليمنى في الصفحة المسطرة للمذكرة الصغيرة التي احملها بين يدي. اغلق كل سطرين من جهة اليمين ثم اغلقهما من اليسار. ألون المستطيل الناتج بلون أزرق غامق. ارسم مربعات ينقصها ضلع ثم اغلقها بالضلع الناقص واملأها بالحبر. ربما هناك أشياء لا تحتاج إلي التفسير .. هي تحدث لأنها فقط تريد أن تحدث. ذ
قبل ذلك بساعتين كنت أجلس مع مديري ليلومني على أخذي المواضيع بحساسية مفرطة، وأن مشادة تافهة مع زميل وضيع بقسم أقل أهمية لا يستدعي عصبية متشنجة تؤدي في النهاية إلى بكاء غير مبرر أمام الجميع. فأبدو فجأة بدلاً من سيدة قوية تتقلد منصب إداري في شركة صناعية كبرى إلى فتاة هشة تعالج أمورها ببكاء طفولي فلا تثبت لها حجة وينهي من حولها الموضوع لأنها "صعبت عليهم". لأنه هكذا هو البكاء، يختار أن يأتي بسبب أشياء تافهة فيجعلني أبدو أكثر سخفاً. ينهي المديرحديثه بأن "يجب أن تتمالكي أعصابك ودموعك" .. كأني لا أعلم ذلك، من المؤكد أني لا اهوى البكاء أمام حفنة من الغرباء، صدقني لو استطعت تمالك دموعي لفعلت. ذ
"إنها الهرمونات يا عزيزي .. لعنة النساء أو حجتهم أحياناً" .. أود أن أقول له ذلك ولكني أخجل. أو ربما لأني راجعت الامر وأدركت أني لا امر بأي تغيرات هرمونية في الفترة الحالية ولكنها حجة أحب أن اصدقها. اختار بعد ذلك أن افسر الأمر بأني متوترة من شئ اخر وأنه بالضرورة انعكس على المشادة التافهة .. هي أشياء تحدث فقط لأنها أرادت. ذ
هناك منظر مرعب في شوارع القاهرة المختلفة. سيدة مجذوبة تمشي في الرصيف الوسط بين الشارعين، تعاكس قائدي السيارات ِمن حولها وتقرر فجأة أن تخلع ملابسها في الشارع لتقف بقميصها الداخلي، يلتف حولها الصبية يتفرجون ثم تقرر الرحيل في لحظة مفاجئة. رجل آخر تغطيه القاذورات والأوساخ يمشي في الشارع يجمع أشياء وهمية في شوال قذر، يلقي بنفسه على السيارات ليخيف السائقين ثم يقوم ضاحكاً وهو يترنح، يصرخ في عسكري المرور ثم يقف بدلاً منه لينظم المرور! أكاد اجزم أن في كل منطقة في مصر حالة مشابهة والأغرب أن سكان المنطقة يعتادون المنظر فلا يعودوا يلتـفتون كثيراً، كما أنهم ينشرون قصص مختلفة عن سبب جنوح هؤلاء المجاذيب: فيقولون أن السيدة التي تخلع ملابسها كانت غنية جداً، تزوجت من رجل واطي نصب عليها وأخذ كل أموالها، فجنت وخرجت تهيم في الشوارع على وجهها. أما الرجل الآخر في الحي السابع بمدينة نصر يقولون أنه كان شاب رائع أحب فتاة رفض أهلها زواجهما ففقد عقله فداء لها! ذ
اشعر دائماً ان هذه قد تكون نهايتي. كلما قال لي أحداً أني أبدو أكثر حكمة وعقلاً من سني أفزع! من المؤكد أن من استخدم عقله بدري قد ينفذ منه بدري . سأمشي يوماً ما في الشوارع أبكي عقلي المفقود، فقصص هؤلاء المجانين تبدو غاية في العادية وواردة الحدوث! ذ
ولكني في بعض المواقف اتمنى أن يخونني عقلي فأصاب بانهيار عصبي مثلاً .. هرباً من الموقف ليس إلا. أو ربما تخونني نفسي لأسقط مغشياً على وينتهي الحدث على ذلك. إلا إن أياً من ذلك لا يحدث. رغم كل المسلسلات العربية التي تثبت لنا أنه امر سهل الحدوث إلا أني أظل واقفة، لا انهار ولا يغشي على ... فلا أملك إلا أن ابكي. ذ
البكاء هو الشي الوحيد الذي لا يكف إذا بدأته .. كلما بكيت أكثر كلما أصابت عيناي حساسية ملهبة تجعلني أرغب في البكاء أكثر ... فاتفنن في تذكر كل ما يضايقني وأكومه فوق بعضه البعض لأبكي أكثر. ذ
الاغماء ليس حلاً عموماً، ربما بعض القوى الخارقة قد تكون أفضل .. اتذكر مسلسل أجنبي كنت أراه وأنا صغيرة عن فتاة مراهقة لديها قوي خارقة في تجميد المشاهد حولها حتى تغير شيئاً أو تفكر قليلاً .. ولكن النظرية تقول أن الانسان يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة، لذلك في النهاية يجب أي يكتمل المشهد. ذ
في الندوة اقرر أني لا أريد أن اصاب بالجنون، لذلك ساستشير طبيبة نفسية. قالت لي صديقة عن معالجة نفسية تذهب إليها، امسك التليفون لأبحث عن الرقم بين الأرقام المسجلة .. سأحجز بمجرد ان أخرج من الندوة .. هذا شيء عادي أنا لست مجنونة وصديقتي قالت أن الطبيبة متخصصة في علم النفس، لا توصف أدوية لا تعالج الأمراض العصبية. وهذا يؤكد اني لست مجنونة .. أنا فقط أريد ألا أبكي أمام أحد .. ومؤكد ستجد لي حلاً. ذ
فقط لأن الانسان يميل إلى ملأ المساحات الفارغة فأني في المساء أدخل لأنام بعد أن أحشو نفسي بأشياء فارغة يذيعها التلفزيون، لا أنام إلا بعد أن يهدني التعب .. ولأنه يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة فاني أدثر نفسي جيداً وأحكم الأغطية حولي وأشدها أيضاً لأغطي رأسي .. ولأن الانسان يميل إلى التعلق بالأمل في غد أفضل، فإني استيقظ في صباح اليوم التالي "عادي خالص" .ذ
أكرر الجملتين في سرعة رهيبة فتتلعثم الحروف بطبيعة الحال، أعصر دماغي محاولة التذكر أين سمعتهما. اعتقد أني قرأتهما في كتاب علم النفس للثانوية العامة. احاول أن اتذكر تفسير ذلك ولكني اتراجع بعد أن افطن إلى غباء كتب المدرسة التي لا تفسر لك كل شيء. أجلس في المحاضرة الثقافية، فلا استوعب الكثير مما يقوله المحاضر . اعمل يدي اليمنى في الصفحة المسطرة للمذكرة الصغيرة التي احملها بين يدي. اغلق كل سطرين من جهة اليمين ثم اغلقهما من اليسار. ألون المستطيل الناتج بلون أزرق غامق. ارسم مربعات ينقصها ضلع ثم اغلقها بالضلع الناقص واملأها بالحبر. ربما هناك أشياء لا تحتاج إلي التفسير .. هي تحدث لأنها فقط تريد أن تحدث. ذ
قبل ذلك بساعتين كنت أجلس مع مديري ليلومني على أخذي المواضيع بحساسية مفرطة، وأن مشادة تافهة مع زميل وضيع بقسم أقل أهمية لا يستدعي عصبية متشنجة تؤدي في النهاية إلى بكاء غير مبرر أمام الجميع. فأبدو فجأة بدلاً من سيدة قوية تتقلد منصب إداري في شركة صناعية كبرى إلى فتاة هشة تعالج أمورها ببكاء طفولي فلا تثبت لها حجة وينهي من حولها الموضوع لأنها "صعبت عليهم". لأنه هكذا هو البكاء، يختار أن يأتي بسبب أشياء تافهة فيجعلني أبدو أكثر سخفاً. ينهي المديرحديثه بأن "يجب أن تتمالكي أعصابك ودموعك" .. كأني لا أعلم ذلك، من المؤكد أني لا اهوى البكاء أمام حفنة من الغرباء، صدقني لو استطعت تمالك دموعي لفعلت. ذ
"إنها الهرمونات يا عزيزي .. لعنة النساء أو حجتهم أحياناً" .. أود أن أقول له ذلك ولكني أخجل. أو ربما لأني راجعت الامر وأدركت أني لا امر بأي تغيرات هرمونية في الفترة الحالية ولكنها حجة أحب أن اصدقها. اختار بعد ذلك أن افسر الأمر بأني متوترة من شئ اخر وأنه بالضرورة انعكس على المشادة التافهة .. هي أشياء تحدث فقط لأنها أرادت. ذ
هناك منظر مرعب في شوارع القاهرة المختلفة. سيدة مجذوبة تمشي في الرصيف الوسط بين الشارعين، تعاكس قائدي السيارات ِمن حولها وتقرر فجأة أن تخلع ملابسها في الشارع لتقف بقميصها الداخلي، يلتف حولها الصبية يتفرجون ثم تقرر الرحيل في لحظة مفاجئة. رجل آخر تغطيه القاذورات والأوساخ يمشي في الشارع يجمع أشياء وهمية في شوال قذر، يلقي بنفسه على السيارات ليخيف السائقين ثم يقوم ضاحكاً وهو يترنح، يصرخ في عسكري المرور ثم يقف بدلاً منه لينظم المرور! أكاد اجزم أن في كل منطقة في مصر حالة مشابهة والأغرب أن سكان المنطقة يعتادون المنظر فلا يعودوا يلتـفتون كثيراً، كما أنهم ينشرون قصص مختلفة عن سبب جنوح هؤلاء المجاذيب: فيقولون أن السيدة التي تخلع ملابسها كانت غنية جداً، تزوجت من رجل واطي نصب عليها وأخذ كل أموالها، فجنت وخرجت تهيم في الشوارع على وجهها. أما الرجل الآخر في الحي السابع بمدينة نصر يقولون أنه كان شاب رائع أحب فتاة رفض أهلها زواجهما ففقد عقله فداء لها! ذ
اشعر دائماً ان هذه قد تكون نهايتي. كلما قال لي أحداً أني أبدو أكثر حكمة وعقلاً من سني أفزع! من المؤكد أن من استخدم عقله بدري قد ينفذ منه بدري . سأمشي يوماً ما في الشوارع أبكي عقلي المفقود، فقصص هؤلاء المجانين تبدو غاية في العادية وواردة الحدوث! ذ
ولكني في بعض المواقف اتمنى أن يخونني عقلي فأصاب بانهيار عصبي مثلاً .. هرباً من الموقف ليس إلا. أو ربما تخونني نفسي لأسقط مغشياً على وينتهي الحدث على ذلك. إلا إن أياً من ذلك لا يحدث. رغم كل المسلسلات العربية التي تثبت لنا أنه امر سهل الحدوث إلا أني أظل واقفة، لا انهار ولا يغشي على ... فلا أملك إلا أن ابكي. ذ
البكاء هو الشي الوحيد الذي لا يكف إذا بدأته .. كلما بكيت أكثر كلما أصابت عيناي حساسية ملهبة تجعلني أرغب في البكاء أكثر ... فاتفنن في تذكر كل ما يضايقني وأكومه فوق بعضه البعض لأبكي أكثر. ذ
الاغماء ليس حلاً عموماً، ربما بعض القوى الخارقة قد تكون أفضل .. اتذكر مسلسل أجنبي كنت أراه وأنا صغيرة عن فتاة مراهقة لديها قوي خارقة في تجميد المشاهد حولها حتى تغير شيئاً أو تفكر قليلاً .. ولكن النظرية تقول أن الانسان يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة، لذلك في النهاية يجب أي يكتمل المشهد. ذ
في الندوة اقرر أني لا أريد أن اصاب بالجنون، لذلك ساستشير طبيبة نفسية. قالت لي صديقة عن معالجة نفسية تذهب إليها، امسك التليفون لأبحث عن الرقم بين الأرقام المسجلة .. سأحجز بمجرد ان أخرج من الندوة .. هذا شيء عادي أنا لست مجنونة وصديقتي قالت أن الطبيبة متخصصة في علم النفس، لا توصف أدوية لا تعالج الأمراض العصبية. وهذا يؤكد اني لست مجنونة .. أنا فقط أريد ألا أبكي أمام أحد .. ومؤكد ستجد لي حلاً. ذ
فقط لأن الانسان يميل إلى ملأ المساحات الفارغة فأني في المساء أدخل لأنام بعد أن أحشو نفسي بأشياء فارغة يذيعها التلفزيون، لا أنام إلا بعد أن يهدني التعب .. ولأنه يميل إلى غلق الأشياء المفتوحة فاني أدثر نفسي جيداً وأحكم الأغطية حولي وأشدها أيضاً لأغطي رأسي .. ولأن الانسان يميل إلى التعلق بالأمل في غد أفضل، فإني استيقظ في صباح اليوم التالي "عادي خالص" .ذ