"ماهو لو ماتجوزتيهوش هيفضل أمور" - هذا ما قالته مِس هانم مدرسة الزراعة محدثة بنات فصل الثالث ثانوي أدبي في الغرفة المهملة في جانب المدرسة حيث كانت تجلس مع مدرستين أخرتين في حصص أسبوعية ليحدثن البنات عن قصص حياتهن وأسرار بيوتهن بتلقائية عجيبة، وينهين قصصهن ثلك بحِكم نسائية تشكل وعي الطالبات لما قد يحدث فيما بعد.
كلما تشاجرت نورا مع زوجها تذكرت هشام، وكلما تذكرت هشام غص قلبها. عادي أن يتشاجرا، فهذا ما يفعله المتزوجون .. يتناقشان ، ينفعلان ، يثوران ويلعنان اليوم الذي جمعهما ببعضهما البعض.ومن العادي أيضاً أن تتذكر هشام: مهندس الميكانيكا، طويل وعريض وأبيضاني وحليوة ، هكذا تجمدت صورته في ذهنها.
تغضب من زوجها لأسباب مختلفة ، ينسى شئ طلبته ، يتجاهل تعليق قالته ، يهديها غسالة أطباق في عيد ميلادها الثلاثين ، تقول أمه شئ لا يعجبها ، يتشاجران على المصاريف أو الأحداث أو أياً كان، لا يهم.
المهم أنها دائماً تتساءل: أين ذهب هشام؟ كل المشتركين بينهما تقطعت بهم العلاقات كأنهم لم يكونوا أبداً. تركت رقمه مسجل على هاتفها المحمول لا تمسحه مهما بدلت الهاتف رغم أنها لم تطلبه منذ أكثر من عشر أعوام، إلا أنها تتجاوزه بسرعة كلما لاحظته في القائمة أثناء البحث عن رقم أخر.
حاولت أن تتذكر أكثر من ذلك فلا تأتيها إلا مشاعر انتصارات أول العشرينات البلهاء . شاب حليوة يجري وراءها بالمشوار ، ينتظرها تحت مقر عملها ، يرسل لها زهور بلا توقيع ، يشغل لها موسيقة تحبها ، يهديها خاتم في عيد ميلادها ، والأجمل من ذلك أنه لا يعرفها حقاً ولا تعرفه.
تقرر نورا أن تبحث عن هشام في الفيس بوك، وعلى الغير العادة التي تأتيك بقائمة محيرة جاءتها نتيجه البحث بشخص واحد فقط "هشام رفعت" . إلا إن هشام لا يستخدم صورته الشخصية، تكرر البحث كل فـترة وفي كل مرة الصورة مختلفة: الأهلى بطل القرن ، صورة الهلال مع الصليب ، صورة علم مصر ، رأيه في التعديلات الدستورية ، صورة الحداد السوداء الشهيرة ، صورة أبو الفتوح أو أبو اسماعيل أو المشير أحمد شفيق ، أو أو أو لا يهم .. كل مرة تغلق نورا الفـيس بوك وتتمتم "هو أكيد أكيد فضل أمور"