Tuesday, May 27, 2014

فين الحب وفين الصاحب يا عبد الخالق؟

عام 86 كان بداية تكوين وعيي الطفولي اللي يخليني كطفلة أتلصص من شباك صغير بحجة أني "عيلة مش فاهمة قوي" على الدنيا الكبيرة والكلام الغريب وقصص الأخوات والأقارب الأكبر وأحاول أحل ألغاز لأفكار صغيرة ولأسئلة كبيرة في دماغي حتى ولو كنت في الأغلب بحلها غلط. في السنة دي رحنا نصيف في مراقية أشهر قرية في الساحل الشمالي وقتها وكان ألبوم مرسال لعلاء عبد الخالق (كنا بنسميه شريط وقتها) هو الموسيقى التصويرية للمصيف ده، وصحيح إني مكنتش مهتمة قوي بالمزيكا أو أغاني الكبار في السن ده إلا أني كان سهل قوي ألاحظ أو أفهم أن البنات في المصيف حلوات قوي و بتتعاكس وفي شباب أكبر بيلفتوا نظر البنات وأن المصيف انفتاح وحرية فيها الناس بتتقابل وتتصاحب ويشغلوا لبعض الأغاني في بلكونات الشاليهات أو من كاسيت العرببة أو يغمزولهم عند جملة معينة في الأغنية وهما قاعدين على حمام السباحة، الناس بتحب وتتحب  طول 3 شهور المصيف والمزيكا مهمة قوي للحب! فتفضل أغنية "مرسال الحب" لعلاء عبد الخالق شاهد عندي كطفلة على كل مشاعر أعجاب بلهاء هتزورني في السنين اللي جاية، واللي هي عادة قصص صامتة والأغاني الخفيفة عنصر أساسي فيها، مع الاهتمام أننا نسيب الشريط لبعض بعد كده ذكرى لمرسال الحب اللي في الأغلب هيتنسي.

بعدها بسنة مع ازدهار نجم علاء عبد الخالق كان في شريط "وياكي" اللي أنا مش فاكرة منه حاجة قوي ، غير أغنية اسمها "سلم" واللي فضلنا نشغلها في الواك مان أنا وأصحابي الأطفال أثناء رحلة مدرسية ربما كانت للقلعة أو الهرم  لا أتذكر إلا أن المشكلة الأكبر أن كلام الأغنية حقيقي صعب علينا تفسيره كأطفال فنقضي الرحلة نتجادل عن ما يقصده بسلم ده السلام لله حيث كنا نجزم أنها مجرد نغمة موسيقية لاكمال اللحن لتكون سلم ده السلام لا لا أو أننا اخطأنا السمع بينما هي سلم ده السلام يلّا حيث أننا لم نستوعب كثيراً فكرة أن السلام لله!

في 91 كانت الطفولة بتنتهي والواحد بيخطي للمراهقة بخطى واثقة، كنا ينحلم ازاي تفوت بسرعة سنين المدرسة ونروح الجامعة رغم أننا مازلنا محملين بأطياف الطفولة. كانت أغنية داري قنبلة في زمانها حيث جاء فيديو كليب الأغنية (كنا بنسميه التصوير وقتها) على أشهر موضة ساعتها وهي الكليب اللي بيحكي قصة ملهمة جداً مهما كانت ساذجة،  والأهم ان الكليب حمل لمصر أهم فتاة أحلام في الكام سنة اللي الجايين وهي جيهان نصر اللي الزمن لعب لعبته وانقذنا منها بجوازها من ثري عربي يقرر يخفيها عن عيون الحاقدين والراغبين، بس المهم ان الكليب ورانا أبعاد جديدة للبنت القمر اللي ماشية في الشارع وبتتسوق في محلات سور نادي الزمالك وتتقل على الحبيب اللي وراها طول الكليب وهي بتتقصع في المشية وتعدل القصة وترفع النضارة من غير ما حد يستجرى يقول البنت دي صايعة وقليلة الأدب حيث طغى الانبهار بفتيات الاعلانات على الأدب.

درة أغاني علاء عبد الخالق كانت أغنية مكتوب من ألبوم يحمل نفس الاسم، واللي كانت بسبب الفيديو كليب بتاعها (برضه كنا لسه بنسميه نصوير الأغنية رغم بداية ظهور اللفظ كليب) شباك كبير نبص منه على فيلم أجنبي عظيم لأبناء الجيل ده اسمه The Bodyguard لـ Whitney Houston  و Kevin Costner  والفيلم كان ساعتها يسحر من حيث أنه قصة حب مؤثرة بتنتهي نهاية سعيدة مع شوية أكشن لطيف أثناء الأحداث ميضايقش البنات قوي، وبطلة الفيلم أعظم مغنية أجنبية في الوقت ده.  وعلى سماجة وبرود Costner إلا ان الفيلم لطيف في المجمل، واتغنت فيه الأغنية اللي فضلت الرقصة الslow   المهيمنة على كل أفراح أقاربنا الكبار الي كانوا بيحبوا زمان على مرسال الحب. أغنية مكتوب  اللي يتخللها حضور طاغي لعزف الكمنجات والتنويع في الموسيقى السريعة الذي يأتي بعد مقدمة موسيقية وموال قصير من علاء كانت طفرة في الإحساس وبالنسبة لنا مزج خطير بين موسيقى الشرق اللي متعودين عليها وصور الغرب المبهر لينا، غير أن كلمات الأغنية غاية في العشق والوله بالنسبة لأشعار هذا الوقت مع التأكيد ان الألبوم ده شهد ظهور علاء كمطرب من جيل الشباب بدأ يرتدي نظارة نظر.

في نص التسعينات كان هناك انتاج غزير لعلاء ، انتاج ناجح وان كان لم يحقق نفس الإبهار السابق فكان يخفت سريعاً أو ربما هي سمة التسعينات، وقتها عز عذاب الثانوية العامة وسنوات تحسين المجموع وأول اختبار مشاعر حقيقي لحب المراهقة اللي بينشأ ويترعرع في الدرس كفرصة تواصل طبيعية بين الجنسين، اللي بيخلص لما كل واحد يخش جامعة غير التاني، أو الحب اللي يبدأ في الجامعة ويخلص بعد الأربع سنين إياهم مع استحالة الاتصالات وعدم انتشار المحمول حتى تلك اللحظة. في هذا الوقت العصيب كانت موضة الدويتهات بين مطربين الرجال معروفين ومطربات لسه بيحاولوا، خرجت لنا رائعة علاء "بحبك باستمرار بحبك طول العمر .. يا أجمل ما في البيض يا أحلى ما في السمر" كأنها وعد كده ان مهما حصل - ورغم أنه مبيكملش الحب إياه ده - إلا إنه من أعظم ما حدث.    

السنين تعدي والشبابيك اللي الواحد يبص بيها على الدنيا بقت أكتر وأكبر وساعتها شبابيك علاء مبقتش كفاية أبداً لما خلاص مقدرش يواكب وبقا موضة وخلصت وبقا في اتساع للوارد إلينا من أفلام وأغاني وانترنت واخذ نجم علاء في الأفول. بس تفضل شبابيك زمان ليها مزاج تاني، لما الواحد كبر شوية سنين اكتشف أن نفس الألبومات القديمة دي كان فيه أغاني من أعظم أغاني الحقبة التاريخية دي، فيفضل يحن للشرايط القديمة عشان يسمع الحب ليه صاحب بتاعة أحمد منيب ويعجب قوي بالأعادة الفنية اللي عملها علاء عبد الخالق، ويعجب بالصداقة اللي ناطة من أغاني الدويتو اللي عملها علاء مع حميد الشاعري والواحد مش عارف بيسمع الأغنية عشان كوبليه حميد ولا كوبليه علاء، وهناك أغاني يطغي عليها حزن غير مفهوم رغم حنيتها ومشاعر الحب التي يطفر منها فنسمعها مراراً وتكراراً واحنا بتجتر قصص الحب اللي مراحتش في حته ونقول "اضحك،  رغم الحزن الباقي ... " ، والمفاجأة الأكبر انك تكتشف فجأة ان أغنية "بحبك كون" رمز الحب الرايق الوديع المخلص أغنية وطنية تخبطك في اخرها خالص وعلاء بيقول "بحبك انت يا بلادي".  

 نحن لا نعرف أين علاء، ساب الغنا وبيعمل ايه؟ كيف تكسب قوت يومك يا عبد الخالق؟ هل أثناء سنوات شهرتك الذهبية فتحت محل حلاقة رجالي  أو مطعم مرموق لتتغلب على السنين العجاف التي ستأتي فيما بعد؟ هل حققت كل الأحلام؟ هل انتهى الإبداع؟ هل تجلس وحيداً على كرسي فوتيه ترتدي نظارتك النظر ووراءك مكتبة فيها ألبوماتك كلها وأنت تتحسر على زمن فنك الجميل؟ مقلتلناش ليه يا علاء ان السنين هتتغير وان محدش أصلاً له صاحب؟ ان كمان حميد مش هنعرف هو فين؟وأن جيهان هتختفي؟ وان Whitney Huousten  هتموت في حالة مزرية؟ وحنان ومنى عبد الغني زمايلك في الفرقة هيبطلوا الاتنين غنا ؟

طيب واحنا؟ احنا دلوقتي واحنا في التلاتينات ومتجهين للأربعينات بخطوات سريعة لكن ليست واثقة، يصدر لنا العالم فكرة أننا شفنا كل حاجة وكفاية بص بقا واجب علينا
نقفل الشبابيك ونكتفي! ولكن أين نذهب حين نترك شبابيك الفرجة تلك؟
أقول قولي هذا وأنا ادندن كما قال علاء زمان " بس تعيشي وتفضلي .. تمر السنين ولا تدبلي ..."


ألبومات علاء عبد الخالق 

ربنا يخليلنا ساوند كلاود 

No comments: