Saturday, November 22, 2008
ويمكن بـتتحقق الأحلام
Tuesday, November 18, 2008
أضغـــاث أحلام
أكان صوان عزاء؟" تسألها الأخرى "
تقولين كانت تضحك؟" تستفسر باصرار "
`
"
`
تسألها "تقولين صافحتيها؟" ذ
`
"
ترد عليها "من المؤكد أوحشتيها. هل ضمتك بقوة؟" ذ
`
"
`
"قالت هذا .. وماذا أيضاً؟"
تتمتم الأخرى "أكيد .. يقولون لقاء الأموات حقيقة" ذ
`
الأولى "آمين" ذ
`
Saturday, November 15, 2008
سكر مرشوش في طبـق منقـوش *
ذ
ذ
ذ
ذ
ذ
مر الوقت وابتلعت الكراكيب الغرفة .. كلما زارني أحد أغلق باب الغرفة جيداً وأقول للناس وأنا أصحبهم بعيداً عنها – دي بقا أوضة الفيران. ذ
ذ
ذ
ذ
حين عدت للمنزل دخلت إلى الغرفة ونظرت بحنين إلى الكومة التي حضًرتها بالأمس، كأنها كل ما تبقى لي.. أجلس جانبها وأفضها بسعادة وأنا اعيد الأشياء إلى أماكنها. يُسد الثقب في قلبي وارتاح. ذ
أخلص إلى نتيجة واحدة ... العمر طبق كبير .. مساحة واسعة، كل خطوة أخذتها أحدثت به نقشاً. وكل ذكرياتي الحلوة المُرّة، كل نجاحاتي وانجازاتي وحتى فشلي، كلها قطع السكر منثورة على صفحة العمر الواسع .. وللسكر حلاوة لا نستطيع مقاومتها، ولذلك نحتفظ بذكرياتنا على شكل كراكيب تـذكرنا بالعمر الذي مضى!ذ
Saturday, October 11, 2008
الرقص على السلالم
لم يراودني النوم بعد لكني أستلقي على فراشي في خدرٍ لذيذ. أعقد كفاي على صدري لفترة ثم أملّ فأرفع ذراعاي وأعقدهما لتتوسدهما رأسي، هكذا لساعات وأنا أمارس عادتي المفضلة "الحملقة في السقف". ذ
أنا ... "أنا شخص فاشل" .. لا ... "أنا حيوان خرافي ضخم، غامق اللون، لزج، لحمه متساقط من جميع الجوانب، يسير ببطء، أنا كائن غبي" ... لا ... "أنا طفل تائه، يتلفت حولة فلا يجد أمه، وبيصر نفسه قصيراً جداُ وسط جموع من الناس الطوال الضخام يسيرون في جميع الاتجاهات ولا يلحظون الكائن الضئيل الذي يمرون بجانبه فبالكاد يصل لمنتصف سيقانهم، لذلك لا يسمعون بكائه ثم أيضاً لا يسمعون صراخه" .. لا لا .. "أنا لا شئ، أنا كتلة صماء بلا نفع". ذ
يتطلع فيّ السقف وأتطلع فيه .. أري في مساحته البيضاء رعبي الدائم من الدنيا الواسعة والعالم الكبير. على لوحة السقف أرى نفسي في المنتصف وحولي الطرق متفرعة، كل طريق يغريك بأنه الأفضل والأنسب والأنجح، أربع طرق، خمس طرق، بل أكثر، وتبدو جميعها متشابهة. في المفترق أجلس وحولي تناثرت سنوات عمري، تتقافز هنا وهناك، تقترب ثم تبعد كأنها تؤكد لي قدرتها على التسرب. على ظهري حقيبة أحمل بها كل ما استطعت جمعه في تلك السنوات من مواقف، وخبرات، وأدوات بسيطة، وبعض الأشياء التي اعتقد أني تعلمتها. أفتح الحقيبة وأفرغ محتوياتها على الأرض، ألتقط بعض الأشياء ثم أرتاح في جلستي وأبدأ في غزل أحلامي لتخرج بأشكال وصور متنوعة. ذ
ألملم أغراضي وتهدأ سنوات عمري المتقافزة، ألتقط من على الأرض ورقة صغيرة باقية ثم أقوم. أقرأ من الورقة بصوت عال "قـالوا لنا في ورش التنمية الذاتية أننا يجب أن نحدد أهدافنا، وأهدافنا ستحدد لنا الطرق التي سنسلكها. وإذا في يوم ما اعترتنا الحيرة أمام اختيار أحد الطرق فإن علينا حينها أن نعود لصورة مسبقة نكون قد حددناها عن كيف نتمنى أن نرى أنفسنا بعد خمس أو عشر أو عشرون عاماً من الآن ... فإذا كان الإختيار لا يخدم بأي شكل الصورة المرسومة فعلينا وقتها أن نتجاهله بعدم اكتراث!" ذ
قالوا لي أني في مفترق طرق ..أركز لأحدد أهدافي كما تعلمت ولكن تختلط على كثيراً الصور التي أريدها لنفسي بعد خمس أو عشر أو عشرون عاماً من الآن، ولكني أجرب حظي. أخذ أول حلم غزلته وأجري في أحد الطرق، أجري أجري حتى أبلغ المنتصف، يعتريني بعض الملل كأن الحلم ليس حلمي، كأنه فجأة لم يعد يناسبني، أزهد فيه وأتركه، وأعود وأنا أجر ورائي بعض الدروس المستفادة. ذ
أنا في مفترق طرق ... أقرر بعدها أنه ربما على طلب المساعدة .. أتعلم من الأخرين: أمسك بحلم أخر وأسلك هذا الطريق الذي دلني عليه الناس، لأنه مضمون، لأنهم مشوا فيه قبلي، لأنهم أشاروا علي أن هذا النجاح وأنا نفذت طمعاً في الرضا والوصول. أمشي حتى المنتصف ثم أدرك أن أحلام بعض النـاس لا تصلح بالضرورة لترضي أناس أخرين، أعـود مرة أخرى إلى المفترق وخلفي حلمي الخائب الذي لم يـتحقق. ذ
وهكذا دائماً أزهد في المنتصف، دائماً في منطقة البين بين، لا أظل في البداية ولا أنهي الطريق، هكذا أرقص على جميع السلالم .. ثم أعود للمفترق! أغمض عيناي ثم أفتتحهما مرات حتى تغيم صورة السقف وأسقط في نوم تَعِب. ذ
صباحاً أقف أمام مرأتي قبل خروجي من المنزل، أنظر جيداً إلى وجهي. أتذكر صديقة قالت لي أنها تراني امرأة ساحرة، تقول أنها لاحظتني أثناء حفلة ما كنت أتحدث وأبتسم وأتحرك واثقة بين الجموع، فوجدتني ساحرة. صديق أخر قال لي أيضاً أني نموذج لكائن حر، محدداً أهدافه وعالماً باختياراته.
أدقق النظر في المرأة لا أراني ساحرة .. ومؤكداً أنا لست انسان حر! تباً لورش التنمية الذاتية ذات الحلول البالية .. فكل ذات أعلم بنفسها، وإن كانت ذاتي عجزت عن الإبصار. ذ
Wednesday, September 24, 2008
ربما وقع شيء في قلبها
جاءت جلسته بجانبها في الإجتماع الكبير، فأحدث في قلبها شيئاً من القلق. تفتعل التركيز فيما يقال وهي تعدل جلستها على الكرسي واضعة ساقاً على الأخرى ثم تحكم شد رِجل بنطالها إلى الأسفل فيلامس القماش الأسود أسفل نقطة في ساقها. يتابع حركتها فيرى الخلخال الرفيع حول ساقها الممتلئة فيشعر باهتزاز المعدن الرقيق والكرات الصغيرة المعلقة به وكأنها في قلبه فيغتاظ منها.ذ
ذ
ذ
ذ
ذ
يسألها "اتريدين اقناعي بأنك قد تختارين طلاقاً بلا سبب فقط لتجربي مرة أخرى، ولربما أعجتبك؟" ذ
ترد بحدة نافية ما يقوله "أنا لا أريد طلاقاً، أحدثك فقط عن تكرار الفرص في حياتنا" ثم تصمت. ذ
ذ
ذ
ذ
Thursday, September 18, 2008
كلٌ معـني بشئون غيره
حد معين؟ -
تصمت لبرهة تراجع فيها أن اليوم هو الأربعاء .. ثم تجيب العاملة في ثقة وابتسامة خبث
ترد العاملة بلا مبالاة: ذ
اللعنة، تردد محدثة نفسها وهي تمني نفسها بحل آخر:ذ
هي مش أجازة انهاردة ؟ -
يأتي الرد بلا مبالاة زائدة: ذ
غيرت أجازتها -
في نفسها تلعن حظها العثر، ثم تقول: ذ
خلاص اندهي لها. وتعقب دون أن تنتبه لها العاملة: أصلي معاها من زمان. ذ -
`
ذ
ليه كده، هو انت بقالك قد إيه متجوزة ؟ -
تكذب لتخفض من عمر زواجها ثلاثة أعوام وترد عليها: ذ
سنتين. ذ -
ممم ، أنا قلتلك قبل كده، أدي أخرة اللي بيأجل في الأول. ذ -
ذ
ولكنها تستدرك ... لأن سهي لا تعلم. هي لا تعلم أن الله محب وأنه لن ينتقم، وأنها لم تخطأ، وإنها في الأصل لا تعاني كما يعتقد الأخرون، وأنها في الغالب لا تشعر هذا الألم الذي تتخيله الأخرى، وأن رغبتها فيما تسأل عنه ليست هكذا مُلحة، كل ما في الأمر أنها لا تريد الآن ... ذ
ستنطق الآن، ستثور وتغضب، وستخبر سهى ألا تتدخل فيما لا يعنيها، وأنها تراها مقززة جداً بهذه الشفقة المفتعلة التي تبدو في نظراتها، ستصرخ فيها أنها بالكاد تعرفها فهي لا تراها أكثر من عشر دقائق مرة كل شهر. ذ
هكذا تخيلت، كأنها قالت لسهى كل ما تريده، ولكنها لم تقل شئ. ذ
بعد فترة صمت تنتهي سهى من عملها وتسألها: ذ
هو أنت اسمك ريهام ولا رشا؟ -
رانيا .. اسمي رانيا -
أيوة أيوة، صح -
Thursday, July 10, 2008
لم تعد عمتي نعمت
نعمت وليست نعمة، تنتهي بتاء مفتوحة! قالت أمي أن الاسم قديم وله مدلولات أرستقراطية، وأنهم أسموها خلفاً لنعمت هانم ابنة عم جدي لأمي والتي كان لها شأن عظيم بين الهوانم. تقول أمي هذا وهي تقرأ لنا من الجريدة في أواخر الثمانينيات نعي نعمت هانم الأولى، عاشت طويلاً الهانم كما يبدو ولكننا لم نرها أبداً خلال هذا العمر الطويل. ذ
ظلت زيارة عمتو نعمت لنا كأطفال حدث جلل، نتأنق كثيراً استعداداً للزيارة، ونهتم كثيراً بماذا سنرتدي وكيف سنبدو وماذا سنقول، وتؤكد علينا أمنا حسن التصرف والسلوك. كنا نسكن وقتها بالهرم وأمي لم تكن تعرف قيادة السيارات. سكنت عمتو نعمت في المعادي بجانب محل الحلويات الشهير، وتراءى لي وقتها أن الطريق من الهرم إلى المعادي سفر عظيم. حتى بعد أن مرت السنين وانتقلنا للسكن في مدينة نصر وكانت أمي قد تعلمت قيادة السيارات، لكني ظللت أستشعر أنه مشوار طويل، صعب، وقد يلزمه بعض الضياع قبل أن نصل. ذ
كان بيتها شكل أخر من البيوت ... نصعد سلالم الأدوار الخمس، نصل للباب الذي يبدو مختلفاً عن أبواب الشقق التي مررنا بها أثناء الصعود، فتفتح "صدّيقة" لنا الباب، وكأنها فتحت لنا أسرار الكون، ولصدّيقة قصة أخرى. ذ
في منزل عمتو نعمت جانب كبير مخصص للزرع، شرفة تم تقفيلها لتتسع لأنواع وأشكال من قصاري الزرع المصفوفة والمعلقة. كنا دائماً نشتري لها الورود في الطريق لأنها تحبها كما تؤكد أمي. لا تأتي نعمت لتجلس معنا إلا بعد أن تفتح الورود وتنزع عنها الأشواك بمقص خاص ثم ترصها في آنية تضعها بتمهل في مكان ترتضيه. لا تنسى أن تقول لنا وهى تنسقه أنها تضع ملعقة سكر في مياه آنية الزهر فتعيش الزهور عدة أيام. يتفتح عقلي على إهتمامات جديدة ممكنة لبني البشر. ذ
شعرها أبيض لا تصبغه أبداً، تقصه قصيراً فيبدو كهالة بيضاء منسقة حول وجهها. كنت طيبة ومبتسمة وهزيلة جداً جداً. كنت أعتقد وقتها أن الجدات يجب أن يكن ممتلئات، ولكن عمتو نعمت هدمت اعتقادي. اعطيتها عذراً بعد ذلك حين أخبرتني جدتي أن عمتو نعمت كانت ممتلئة فيما قبل، ولكنها هزلت بعد أن مات ابنها الشاب وهو في العشرينات من عمره، "عِدمت صحتها" كما علقت جدتي. ذ
أسّلم عليها فتنحني تقبلني، كان كفي يلامس كفها وذراعيها فأشعر أن لجلدها ملمس غريب، جلد لين عليه زغب، كفرو لعب أطفال. أقول ذلك لأمي في وقت لاحق فلا تفهم ما أعني بالظبط، حين كبرت قليلاُ عرفت أن الكبار تتعب أجسادهم فلا تظل مشدودة، تترهل جلودهم وترتخي أعصابهم، أدركت ذلك حين لاحظت جلد أمي وقد بدأ في الارتخاء والبقع البنية تنتشر عليه. ذ
تستقبلنا في صالونها الأنيق، الجدران جميعها مغطاة بصور الأقارب ولوحات المعارف الذين يهـون الرسم أو يحترفونه. نقف نطالع إحدي الصور ونسألها : "مين دي يا عمتو؟" ترد دي صافي بنت منيرة بنت خالى بس وهي صغيرة، دلوقتي بقت عروسة" وتحت صورة أخرى "مين رسم اللوحة دي يا عمتو؟" ترد "دي جدكم صلاح الله يرحمه رسمها واحنا في اسكندرية" تقول ذلك وهي تشير لنا على التوقيع في أسفل اللوحة. ذ
بعد بضع سنين أصبحت تستقبلنا في غرفة المعيشة بدلا من صالونها الأنيق، لم تعد حركتها سهلة كما كانت. تجلس في كرسي معين وحقيبة يدها الكبيرة على الأرض جانبها، تضع فيها كل احتياجتها فلا تقوم كثيراً: الأدوية ونظارتها وعلبة سجائرها كيلوبترا. حين دخلنا عليها في مجلسها المستحدث قالت مخاطبة أمي : "إيه ده، فيفي اتحجبت .. بس فيفي متحجبة عشان الشياكة" تنطق شياكة بفتح الشين. يقول زوجها معلقاً بنبرة محايدة "الناس كلها اتحجبت".ذ
كان الحديث لا يتوقف أبداً، لا يكف زوجها الطبيب الشهير عن الحوار والحديث معنا نحن الصغار. يسألنا ويسألنا وتنبهنا أمنا بين أسئلته "علوا صوتكم عشان انكل يعرف يسمع" ، فيوجه حديثه إليها "بحب أشوف الشباب الصغير بيفكر ازاي". لا يكف هو وعمتو عن إدهاشنا بأن رغم تجاوزهما الخامسة والستين يتابعان كل شيء بدقة، فيخبرنا عن اعجباهما الشديد بأغنية "عدى الليل" لإيهاب توفيق. ذ
في زيارة أخرى تعبر أمي عن حزنها الشديد لوفاة الشيخ الشعراوي، فيعلق زوج عمتي أنه لم يتابعه كثيراً لأن صوته كان عالياً وطريقته في الحديث سوقية لذلك لم يناسبه. ذ
كلما زرنا عمتو نعمت، كانت هناك "صدّيقة"، وندعوها جميعاً "ماما صديقة". "صديقة" تخدم عمتو نعمت ولكنها ليست أبداً خادمتها . "صديقة" أيضاً بدت منفردة فهي رغم بساطة أصولها تتحدث عربية غريبة تخالطها كلمات إيطالية صحيحة تعلمتها من سيدة إيطالية كانت تعمل لديها قديماً. فتقول لنا أنها قبل مجيئنا وضعت زجاجات المياه الغازية في الثلاجة "بيانو بيانو" حيث أن ميمي كانت نائمة. ولأن "صدّيقة"ذ تتحدث بسرعة ولا تنتظر لتسمع أي رد لما تقوله، كان علينا أن نستنتج من السياق أن بيانو بيانو ربما تعني أنها وضعتها بهدوء وأن ميمي ربما هي عمتو نعمت! ذ
ذ"صديقة" أرملة لرجل لم أره أبداً ... تحكي لنا أمي أنها تزوجت زوج أختها المتوفاه لتربي أولادهما وبعد ذلك مات الرجل وبقت معها قرطة العيال. تعمل "صديقة" وتربي الأولاد جميعهم، فتخدم لدى جدي ثم تنتقل لعمتو نعمت بعد أن يتوفى جدي. "صديقة" يناوشها "مغربي"، سائق وخادم زوج عمتو نعمت، يعمل لديهم منذ كان صبياً، كبر في منزلهم فأصبح شاباً ثم رجلاً حتى تجاوز الأربيعين. رأيت "مغربي" مناسب جداً لأن يكون زوجاً "لصديقة"، ولكن عدم زواجهما ظل لغز لم استطع حله. ذ
مرت السنوات، وخفت الزيارات، فلم أعد أرى أياً منهم، كبرنا ولم نعد نشارك العائلة واجباتها الأسرية. في عام2002 تكلمني أختى الصغرى في العمل وتخبرني "عمتو نعمت ماتت، احنا رايحين دلوقتي" أصمت مذهولة وكأني تذكرت فجأة أن عمتو نعمت كانت مازالت حية. "أجي معاكم؟" ترد أختي "يا ريت، أصل ماما زعلانة قوي" ألملم أغراضي وأهرول من المكتب وأنا أخبر زملائي "لو حد سأل، أنا عندي حالة وفاة". ذ
حين ذهبنا يوم الوفاة إلى منزلها في المعادي أدركت أن الطريق ليس طويلاً والوصول إلى منزلها ليس صعباً كما اعتقدت. أجلس هناك على كرسي بغرفة المعيشة بينما توجهت أمي وأخريات إلى غرفة مسجى بها الجسد ليقمن باجراءات التغسيل. أجول بنظري فأطالع الكتب التي غطت الجدران، وأري جانباً بأكمله تحتله أجزاء الموسوعة البريطانية، لم أكن أعلم أن الموسوعة البريطانية قد يملكها أشخاص عاديين في منازلهم العادية، تماماً كما أخبرني هذا المنزل من قبل أن الجدران يمكنها أن تحمل أكثر بكثير من ألوان وأنواع الدهانات، تحمل ذكريات ومعلومات ووجهات نظر. و أن للبشر اهتمامات أخرى غير تلك التي اعتدها، والأهم أن لهم أراء مغايرة يعبرون عنها بشجاعة. ذ
ينادون لزوج عمتي بعد أن انتهين. يتحدثون معه خارج الغرفة فتقول له زوجة ابنه "ادخل سلم عيلها ياجدو، خليك شجاع وانت بتودعها" .. يالله لماذا تذكره أنه سيودعها. يدخل الغرفة ويرى جسدها النحيل يرقد في وداعة، يقبلها بهدوء على جبينها ثم يلتفت فأرى في عينيه نظرة مختلفة كثيراً عما اعتدتها منه. يدخل غرفته ويترك الأخرين يأخذونها إلى المدافن، صحته لا تسمح له. تبقى السيدات في المنزل وأنا معهن، يأتينا بعد قليل صوت الزوج من غرفته يبكي كطفل صغير. ذ
لحق بها زوجها الطبيب بعد شهر ونصف من وفاتها الذي لم يتحمله كما يبدو. "حتى مَـغربي بطل يشقر على انكل، سرق فلوس من الدولاب ومحدش شافوا بعدها .... كأن كلهم ماتوا" تقول أمي. تقرربعد ذلك أن تحكي لنا باقتضاب عن ابنهم الذي مات في العشرينات من العمر كان شاباً رائعاً ،طبيباً مثل أبيه، تنهي الحديث فجأة بأن الجرائد كتبت أنه انتحر. ذ
منذ يومين، أخذت أمي لقضاء مشوار هام ، الآن أقود أنا وأمي تجلس جانبي. من كورنيش المعادي ندخل يميناً، فتقول أمي "يــــاه ده جنب بيت عمتي نعمت خالص". انظر لها بذهول وفي عقلي أتمنى ألا أجد البيت هكذا سهلاً، أسأل أمي "هو مين أخذ الكتب اللي كانت عندهم "ترد أمي "مش عارفة، محدش ساكن في البيت دلوقت" ذ
يبدو منزل عمتو نعمت عادياً جداً من الأسفل، فالمنزل في منطقة واضحة المعالم في المعادي القديمة جانب محل لابوار الشهير الذي إن سألت أي ماراً في المعادي لأخبرك بسهولة أين يقع. ذ
Monday, June 09, 2008
للدنيا مذاقات مفرحة
أثناء يوم العمل، تمر لحظات ملل الساعة الثانية ظهراً ببطئ، أخرج ثمرة الخوخ التي أحضرتها في حقيبتي صباحاً، أقطع منها شريحة دائرية وأمسكها بأطراف أصابعي قبل أن تنزلق. أقضمها لتخرج كل حلاوتها وشرابها السكري وتتحول إلى شكل هلالي لونه أصفر مشوب بحمرة مشجعة. أقذف بها داخل فمي فتسعدني في خضم يوم أحد ممل متعب، فأعلن أن "الخوخ طعام مبهج".
ليلاً أجلس في المنزل جانبك أشتكي من يوم طويل لا ينتهي. متعبة أنا حتى أني لا أقوي على النهوض لأؤدي التزامات المساء التي بدت أشق من أي شئ آخر، لا أستطيع أن أقوم لأقذف أي طعام في معدتي الفارغة، ولا أن أقوم لأغير ملابسي الرسمية إلى أخرى مريحة فضفاضة، ولا أن أقوم لأصلي فرض العشاء وأنا أغالب النعاس. كل ما أستطعته أن أخلع حذائي وألقيه على الأرض تحتي لأجلس على الكنبة جانبك واليأس يتملكني من فرط التعب.
الجوع يقرصني ... فأحكي لك أني شاهدت الأسبوع الماضي فيلماً رائعاً عن رجلاً يعمل طباخاً ويعد الطعام لحبيبتة.
رددت مستنكراً "إيه الفيلم ده، هو في فيلم كده؟ مش عارف ليه حاسس إنك ألفتي القصة دي دلوقتي" أرد محتدة بأن الفيلم حقيقي وأنه بديع ومفرح وأنه يحكي قصة رجل أمريكي ذو أصول يونانية يملك مشروعه الخاص، مطعم على الطراز اليوناني يقدم فيه أكلات وطنه الأول، المطعم على وشك الافلاس فيبحث عن ناقد مطاعم لينشر مقالاً عن مطعمه فيخرجه من ورطته. وطبعاً الناقد فتاة جميلة يقع في حبها ويعد لها الطعام بنفسه في مطعمه. ثم استطردت أنه ربما لن يعجبك الفيلم باعتباره من فئة أفلام القناة الثانية التي تذاع في الرابعة عصراً .. فسألتني مستنكراً "وانت إيه اللي رجعك البيت الساعة أربعة العصر؟؟؟" فانفجرنا ضاحكين
لأني رأيته منتهى الحب! فماذا أكثر غواية من رجل يطبخ لامرأة؟ لا أجد شيئاً أكثر حناناً من رجل شديد الوسامة، يلف نصفه السفلي بمريلة مطبخ غامقة اللون ويزين بحرفنة شديدة طبقاٌ عليه قطع من الحلوى الفرنسية الملونة ليقدمه لحبيبته التي جلست على كرسى عالي أمام طاولة عمله تنتظر طعاماُ أعده لها خصيصاُ ليطعمه لها بأصابعه.
ولكن لأن المشهد السابق كان مستقطعاً من فيلم أجنبي يذاع الساعة الرابعة عصراً، ولأنك رجل شرقي لا تعرف كيف تطبخ طعاما مزيناً أو تخبز حلوى فرنسية ملونة، إلا أنك أشفقت على وقمت من جانبي، فكان أقصى ما قدمته لي: ساندويتش جبنة بيضاء مضافاً إليها الزيتون، لكنني أحببته جداً لأنه كان مصنوعاً بيديك ولأجل خاطري، فمع أول قضمة وجدته يفيض حناناً وفرحاً .. فحتى الطعام العادي يصبح استثنائياً فقط إذا جاء في وقته ... فتبدو لنا الدنيا وكأن لها مذاقات مفرحة.
Sunday, May 04, 2008
ربنا يديم المحبة
ثم تتغير الأحوال ... لا نعود نتقابل في الصباحات، ننشغل بأشياء أخرى. ذ
هو، أقابله أحياناً في الأحداث الثقافية. لأننا أصدقاء ولكننا لا نرى بعضنا البعض كثيراً، أصبحنا نتقابل على برامج الدردشة في الإنترنت، أحدثه كثيراً... من آن لأخر نستشير بعضنا البعض في أمور مهمة أو غير مهمة، نتبادل الأغاني والأفلام ورابط الأخبار المثيرة.ذ
ثم يسافر فجأة .. يقرر أن السفر أجدى.ذ
أفكر فيهما – المذكوران بالأعلى – وغيرهما. في الأيام الأخيرة أخذت تشغلني كثيراً أوضاع الناس في حياتي، فكثيراً ما أجدني أفكر في الذين ذهبوا والذين راحوا والذين تبدلوا وجاء غيرهم. المذكوران بالأعلى كانا هناك غيرهم، قبلهم. والذين قبلهم كان هناك قبلهم، دائماً تتغير الظروف ويحل أناس في مواضع ناس ويأخدون أماكنهم.ذ
رغم أني لم أعد أستشعر الصباحات كما كانت حيث أني الأن أتبادل أخبار الصباح مع أخرين، وأشرب القهوة مع أخرين، كما أني استشير شخص أخر في الأمور المهمة و غير المهمة .. إلا إنها مازالت صباحات ومازالت قهوة ومازالت استشارات. فكما يحل الناس في أماكن ناس، كما تستحدث مذاقات جديدة للحياة تطغى على مذاقات سابقة. ذ
نفس المساء الذي سافر فيه الصديق، كنت أمر وحيدة بين رفوف الخشب في مكتبة الكتب الشهيرة لا أبحث عن شيء معين. منذ حوال عشرة أعوام كنت أمر مع صديقة أيام الجامعة بين رفوف من الألومنيوم القبيح في معرض كتب الأطفال الذي يقام في نوفمبر من كل عام، نستمتع بتلاكيك التسرب من الجامعة في صباح خريفي لنبحث عن قصص أطفال مكتوبة باللغة الإيطالية نتحايل بها كوسيلة لتعلم اللغة. ألتقط كتاب من على أحد الرفوف على غلافه رسومات كرتونية لمجموعة أشخاص وعنوانه "الأصدقاء"، على ظهر الكتاب نبذة عن قصة مجموعة أصدقاء كانوا معاً في المدرسة فرقتهم السنين ثم عادوا ليتلقوا بعد زمن. أشير علىها بالكتاب مؤكدة أن كم هي فكرته ظريفة، لكنها لا تأخذه وتعلق متهكمة أني أحب كل ما يتحدث عن إعادة اللقاء كما أني مهوسة بأفكار استعادة الماضي. ذ
في عقلي أتمتم "استعادة الماضي .. استعادة الماضي".. لأن هناك حنين .. حنين للزمن الذي مضى، حنين للأشخاص، حنين لمشاعر تحركها فترة ما، ولأننا ندرك بعد فترة أن اللحظات الفائتة لا تعود. ذ
بالمناسبة أنا لم أحدثها منذ عدة شهور ... ذ
أبحث بين محطات الراديو عن مزاج معين، عن أغاني أجنبية كنت أسمعها في ذلك حين، أيام الجامعة ... لم نكن نسمع غير الإذاعة الأوروبية في ذلك الوقت، نرسل عبرها الاهداءات لبعضنا البعض، لم نملك وقتها تليفونات محمولة ولم يكن الانترنت سلعة رائجة ودائماً ما كان يتعذر بيننا الاتصال أيام الأجازات فكنا
اللحظات الفائتة لا تعود، مثل احساس أول قبلة الذي لا يعود .. هذا بالأخص لا يمكن استعادته. هذا بالأخص مذاقه يزول مع اكتشافات أكثر وعورة ويظل له ذكرى لذة الاكتشاف الذي تبخر.ذ
منذ شهر اجتمعنا في منزل صديق نبارك له على مولود جديد، طفله أصلاُ تخطى العام ولكن الانشغالات لم تسمح بأسرع من ذلك. جلسنا يومها نتحدث ونثرثر ولكنى أفتقدت شيئاً ما، لم أفسره، فقط ظل يكبر مع إطالة الجلسة حتى تحول إلى إحساس محزن من الخواء. ربما هو الشعور بأننا تغيرنا، ربما هو الرعب من حقيقة أننا نتغير، ربما لأن ثرثرتنا لم تعد محلقة كما كانت. أردت بشدة أن أحملنا كلنا من أماكننا الحالية وأودعنا في مشهد سابق. في صورة معلقة بذهني طالما ظلت تؤرقني استعادتها، فلربما يتجدد معها الشعور المفقود. ذ
ليس كل ما مضى جميل، فكل عام مضى حمل شيئاً من الذكريات البغيضة والقرارات السلبية، هذه خلافات التي تحولت إلى لعنات والمناوشات التي انهتها المقاطعات. وبعد حين تصغر الخلافات وتنعدم فلا نذكرها ولكن يبقى الفراق. ذ
لأن الناس مثل السنين، كلما بعدت كلما غامت التفاصيل فلا نرى بعدها إلا الصورة الكبرى للأحداث. نفس السبب الذي يجعلنا ونحن في الجامعة نكرهها مؤكدين أن المدرسة كانت أجمل سنين العمر، ثم نتخرج فنعجبنا سنوات الجامعة بعد أن كنا نلعن أبوها. كذلك في رحلات السفر، وقتهاأفكر في المال الذي صرفته، وفي أقدامي التي هدها التعب، في صداع أصابني، في خلافات مع مجموعة متنافرة لنقرب رغباتانتا في قضاء الوقت، وبعد أن يمر الزمن أقسم أنها كانت أسعد اللحظات. كما في المناسبات، كما حفلات الزفاف، وقتها يشغلني شعري الذي يبدو غير متساوي، أو فستاني الذي يبدو ضيقاً، أو قريبتي التي كلمتني بطريقة غير لائقة، والأغاني السخيفة التي سمعناها، وبعد أن ننتهي لا أتذكر إلا الحلم الذي تحقق ولا يعلق بقلبي إلا الفرحة صادقة. ذ
أمضي قدماً ... لا يهم تصنيفات الناس في حياتي، لا يهم ماذا كانوا وكيف صاروا .. الأهم أني أنسى ولا أعود أتذكر … المهم ألا تطاردني الصور المعلقة بذهني والتي أبداً لا تعود. المهم أن بيننا بواقي محبة… ذ
على محطة إذاعة الأغاني يصدح عبد المطلب بصوته الجهور "يا أهل المحبة ادوني حبة" وأنا في سري أتمتم بس الأهم إن ربنا يديم المحبة ...ذ
Wednesday, April 23, 2008
كأنـــك تمـــوت
أن تفقد الهدف .. أن ترى حياتك كجب عميق آخره أسود غطيس، و يصبح نزول الجب مغرياً فربما تتوه في نهايته وتنتهي. أن لا ترى لوجودك نفعاً أو لاستمرارك جدوى ... أن لا تبصر نوراً أو تستشعر أملاً .. أن يصاب كل ما حولك بالسخف .. أن تستسيغ الصمت والوحدة وتستحلى الألم ... أن ترفض كل ما يحيطك و تشك في بديهياتك وتتجاهل الشخوص من حولك .. فكأنها مجرد أشباح تهذي
أن تعيش كأنك تموت ...ذ
Tuesday, March 18, 2008
خارج الشبابيك الزجاجية
على الطريقة الأمريكاني رصت مكاتبنا مكعبات متجاورة، فكرة مبتكرة لاتاحة مساحات إضافية في الغرف الضيقة التي لا تتسع للمئات من موظفي الشركات. وجوهنا تطالع حيطان الفواصل المقامة بين مكاتبنا لتفرقها عن بعضها البعض، ظهورنا للممرات، ويحيطنا من الجوانب فواصل أخرى لمنع أي اتصال جانبي ممكن. مساحتك الشخصية الوحيدة المتاحة أثناء يوم العمل أصبحت مفضوحة بوقاحة لكل مار خلفك، وحين لا تسشعر وجوده يطالع هو شاشة الكمبيوتر ومتعلقاتك الشخصية وأي شيء آخر تفعله. ذ
جالسة في قفصي الضيق مكعب الشكل، المصنوع من أخشاب حديثة مضغوطة وأنواع من البلاستيك المصنفر، تضيق الدنيا في عيني وأنا محبوسة في مساحتى المتاحة...متر في متر ونصف...أدفع الأرض بقدمي في قوة فيندفع كرسي المكتب ذو العجلات إلى الوراء. أهب واقفة لأردع أحاسيس ضيق التنفس التي تنتابني...ذ
أتنفس بعمق...ذ
شهيق طويل...زفير...ذ
شهيق طويل...زفير...ذ
مازال النَـفَس غير مشبـِـع والهواء مستعص!ذ
أقوم إلى الملاذ الوحيد...الشباك الواسع على جانب المساحة التي رصت فيها مكعبات تسعة من الموظفين. عملي في بناية إدارية كبيرة تقع في منطقة خالية من العمارات السكنية، فهو واقع على طريق سريع خال نسبياُ من المارة إلا العاملين بشركتنا وبعض المصالح القليلة المتناثرة حولها.ذ
من دور علوي أطل من وراء الشباك الزجاجي وأرى العالم كأنه ماكيت لتخطيط مدني جديد، شوارع منمقة ذات خطوط بيضاء متساوية، عدد من أعمدة النور مصفوف على الجانبين وتتوالى معها أشجار رفيعة عالية خضارها شاحب. على يمين الشباك، شارع سريع تجري فيه السيارات الملونة بسرعة جنونية. يلتقي الشارع مع أخر تعامد عليه تندفع منه السيارات أيضاً، تدخل الواحدة تلو الأخرى إلى السرب المتسارع فتتمازج الألوان. عند ملتقى الشارعين عجوز يحاول عبور الشارع بين السيارات، يتقدم نازلاً عن الرصيف فيباغته مد السيارات، يتراجع. ثم يبدو له انحسار السيارات مشجعاً، يعاود الكره فيحاصره المد مرة أخرى، يرجع مسرعاً.ذ
أرى أيضاً نصف مبنى به عمال قائمين على تشييده، يبدون في موقعهم كجزء من لعبة مكعبات للأطفال تصور لهم عالم البناء والأدوات والسقالات وما إلى ذلك.ذ
في الأفق البعيد أرى جزء من منزل الكوبري الطويل الذي يربط أجزاء القاهرة، تختفي نهاية المنزل وراء عمارة بعيدة وأشجار كثيفة حولها. يخيل لي أن السيارات تجري مسرعة على الكوبري ثم إلى المنزل فلا تصل إلى نهاية واضحة، بل هي تختفي في العدم! يعجبني أنني استطعت تعيين بقعة للعدم...فأبتسم!ذ
أفتح زجاج الشباك وأخرج منه...أقـف على الإفريز...أغمض عيناي وأفرد ذراعاي عن أخرهما...أتنفس بعمق فيشبعني الهواء في الخارج...يدخلني الأكسجين هادراً فتتدفق الحياة في شرايني وأوردتي فأتلون بألوان الحياة كلها...يزداد الهواء داخلي أكثر مما يحتمله سجن الجسد الضيق...فأتقدم لأطلق نفسي من فوق السور أندفع قافزة إلى الكون فأتفتت وينثرني الهواء جزيئات تسبح في الفضاء الرحب.ذ
Thursday, February 28, 2008
ألِـيس في المنطقة الصناعية
تصل إلى عملها الجديد صباحاً وهي تتقافز من أثر شحنة النشاط والأمل التي تنبعث تلقائيا من حقائق بديهية مثل البدايات الجديدة والتحديات الصعبة والصباحات المنيرة وإلى آخر ذلك من العوامل الوردية... ذ
ذ** نظرية تأثير الفراشة: ظاهرة تقول بأن الحركة البسيطة لجناح فراشة يمكنها أن تحدث تغيراً في الجو وتؤدي في النهاية إلى حدوث إعصار (أو منع حدوثه) في مكان أخر. ويطلق المسمى قياساً على الأمور الصغيرة التي قد تحدث تأثيرات كبيرة على أشياء أخرى
ذ*** جملة على لسان علاء ولي الدين من فيلم الناظر يعلق فيها على تعقيد التعليم بالنسبة للأطفال تدقيقاُ على اسم مدرسة أبوللو الأدبية
Sunday, February 17, 2008
السدود بين البشر
وحين خرجت من عملي ذلك اليوم وجدت أن أمامي بعضاً من الوقت المتاح قبل موعد ما وجب على ادراكه. أغير مساري اليومي إلى شارع اخر حيث أمر لأشتري بعض الأغراض غير الضرورية فأملأ الوقت القليل الفارغ.ذ
أمر في الشارع الرئيسي فألمح صديق قديم يحاول العبور أثناء مروري، أخذت بعض الوقت لأتعرف عليه مزيلة آثار خمس سنوات مضت منذ آخر مرة رأيته .. وهو أثناء عبوره لم يلحظني.ذ
ارتفعت بشدة الرغبة في ارتكاب التصرفات غير المبررة، فأغير مساري - مرة أخرى - في محاولة لمتابعته بعد أن فشلت المحاولات الأولى لبوق سيارتي في جذب إنتباهه. ألف بسيارتي في الملف التالي عائدة إلى الناحية الآخرى من الشارع حيث اتجه هو. أمر أمامه وهو يدلف لسيارته واستخدم بوق السيارة مرة آخرى ولكنه أيضاً لا ينتبه، يلح الطريق من خلفي فلا يمهلني أكثر من لحظات أضطر بعدها إلى متابعة تحركي بالسيارة إلى الأمام.ذ
أسرع بسيارتي، وألف إلى الناحية الأولي. انظر يساري فأجد سيارته مازالت قابعة في الناحية المقابلة. أتابع إلى الملف مرة آخرى وأمر أمامه في محاولات مستميتة باستخدام الأصوات والأضواء المتاحة في سيارتي. أرفع يدي ملوحة يميناُ ويساراً ولكنه أيضاً لا ينتبه، فأضطر في النهاية إلى الرحيل خجلاً من نظرات الركاب و السائرين حولي.ذ
مرة أخيرة أسرع إلى الملف الأول ثم الملف الثاني وأصل إلى البقعة المرصودة وأجد أن سيارته اختفت مخلفة مكانها فراغ كبير غير مفهوم من خيبة الأمل ...ذ
أكمل بعد ذلك طريقي إلى غايتي الأولي غير مكـترثة كثيراً لتصرفي السابق .. ولكني وأنا أشتري أغراضي أتذكر أنني حين قابلت ذلك الصديق آخر مرة منذ خمس سنوات فإنه أخبرني عن عمله في شركة متعددة الجنسيات والتي مقرها في الشارع الرئيسي الذي مررت به منذ دقائق. ربما إن غيرت مساري في الأيام التالية متصيدة موعد الخامسة والنصف قد ألمحه مرة آخري نازلاً من المقر، عابراً الشارع إلى الناحية الآخرى، دالفاً إلى سيارته، وقد يتسني لي وقتها محادثته
مرت بضعة أيام، لم أغير فيها مساري اليومي ...ذ
وحين نزلت متعجلة ذلك اليوم من منزلي الكائن في مدينة سكنية جديدة لها أسوار تحددها، كان الميعاد غير معتاد حيث أن اليوم عطلة رسمية. أحمل معي كيس به ملابس علىّ إرسالها للكواء، فأمر في طريقي على محل التنظيف الجاف الذي نتعامل معه والكائن بالسوق التجاري المقام في المدينة.
أركن سيارتي وأنزل متجهه إلى المحل الصغير. وأثناء تحركي السريع نحو الرصيف المؤدي للمحل الصغير، ألمح صديق قديم لم أقابله منذ خمس سنوات وإن كنت رأيته صدفة منذ بضعة أيام يحاول عبور الطريق الرئيسي. كان الصديق واقفاً مغلقاً باب المحل الصغير بجسمه الضخم وهو ينهي أمراً مع العاملين بالداخل.ذ
للصدف وحدها كلام يعلو فوق كلامنا ...ذ
حين أصل إلى باب المحل ملقية السلام بصوت عالى، يفسح الصديق جسمه الضخم عن باب المحل .. وقتها يلحظني ويتعرفني دون عناء أضواء وأبواق السيارات.ذ
نتحدث سريعاً عن أني أسكن هنا وهو يسكن هنا، وعن زوجي وعن زوجته، وعن طفلته، وعن أن ليس لدي أطفال بعد ... نقول هذا وثلاثة من عمال محل الكواء يطالعوننا من خلف طاولة العمل وهم يبتسمون ابتسامات واسعة مفادها قصص يرسمها خيالهم.ذ
نتحرك إلى حيث تقف سياراتنا، أتلكأ قليلاً لأعطيه بعض الوقت، يلتفت بعد لحظة ليخبرني أن زوجته لن تستطيع التحرك من السيارة لأن الطفلة نائمة. أخبره على مضض أنني سأتي لأتعرف عليها.ذ
يجري التعارف سريعاً بيننا. هي تبدو غير مرحبة في حين بدا هو متوتراً.ذ
أبتعد راحلة وأنا أرفع صوتي مطمئنة بأن للأسف زوجي ليس معي الآن لأعرفهم عليه.ذ
يسألني بصوت منخفض وأنا أبتعد عن رقم هاتفي المحمول وأخبره أن الرقم لم يتغير، يؤكد بعدها أنه سيحادثني قريباً لنتبادل الأرقام والحديث.ذ
أحييه راحلة ولا أخبره أني رأيته منذ ثلاثة أيام في الطريق الرئيسي عند مقر عمله ... ذ
أكمل بعد ذلك طريقي إلى غايتي الأولي غير مكـترثة كثيراً لتصرفي السابق .. ولكني وأنا أقود سيارتي أتذكر أنني حين قابلت ذلك الصديق آخر مرة منذ خمس سنوات فإنه أخبرني عن حجز شقة في مشروع سكني جديد. ربما إن غيرت مساري في الأيام التالية متصيدة المواعيد الغريبة للأجازات الرسمية قد ألمحه مرة آخري أمام محل التنظيف الجاف، مغلقاً الباب بجسمه الضخم، منهيناً أمراً مع العاملين بالداخل، وقد يتسني لي وقتها محادثته.ذ
تمر أيام، ولا أغير مساري اليومي ... ذ
Wednesday, January 30, 2008
أنا بين أمي وجدتي
أما جدتي، فحين تأتي سيرة مرض مستعص، مما فشل الطب في علاجه، فإنها تهز كتفيها في حركة رقص شرفية متمتمة "هز يا وز .. هز يا وز". نضحك نحن على ما تفعله، فتأمرنا ناهرة أن نهز أكتافنا مثلها لننفض عنهما سيرة المرض وشروره، فيقلدها الأحفاد كلهم ضاحكين
وأنا بين أمي وجدتي
جدتي ست جميلة، تعشق أن تُـدلل! يقسمون أن كل من رأها في صغرها أراد أن يتزوجها. وتقول هي أن ،فريد الأطرش أرادها أن تشاركه بطولة أحد أعماله، لكن جدنا رفض. هي سكندرية ذات أصول شامية ولديها لكنة في نطقها لبعض الكلمات، تعود إلى تعليمها الفرنسي الذي لم تتلق غيره وإن كانت لم تكمله. ذ
جدتي عصبية جداً، تزوجت في البداية رجلاً أحبته كان له في الفن باع – هو جدي لأمي – أتعبها كثيراً فهي لم تطق عدم استقراره. تزوجت بعد ذلك رجلاً أحبها بجنون – أحسبه جدي أكثر من الأول – وأتعبته هي كثيراً ولكنه يتحملها حتى الآن.ذ
جدتي الجميلة أصبح شعرها خيوط من الفضة تتركها منسدلة على كتفيها وتجلس على الأريكة تتألم من كافة أجزاء جسمها كطفلة لا تتحمل الوجع. وحين تذاع أغنية النهر الخالد لعبد الوهاب بين البرامج على ،التليفزيون المصري، يصاحبها تصوير لخيال سيدة ممتلئة قليلاً ذات شعر طويل تجلس على شط النيل تقول لنا بنبرة دلال وبعضاً من الفخر أنها هي تلك السيدة. ذ
أمي ست جميلة، من يرها يرتاح لها طوالي! أمي محترمة جداً، ملتزمة جداً، ومظهرها محافظ جداً .. تكره الخطأ وتتجنبه، تقسو على نفسها كثيرا لتحافظ على التوازن حولها، وتنسى نفسها لأجل من حولها، هي حمولة وصبورة وبارعة في كتم ألامها. وهي في بحث دائم عن نتائج مثالية وحياة لا تشوبها شائبة.ذ
نبحث في أدراج الصور ونجد مجوعة صور قديمة بالأبيض والأسود، من ضمنها صورة لأمي على شاطئ البحر، مرتدية تنورة سبيعنية قصيرة وقميصاً صيفياً خفيفاً. على ظهر الصورة إهداء إلى أبي يحمل كلمات أغنية "بحلم بيك" لعبد الحليم. حين نضحك ونواجهها بالصورة تنهرنا وتسحبها مننا ولا نجدها أبداً بعد ذلك في درج الصور. ذ
وأنا بين أمي وجدتي
يقولون أني أشبه جدتي شكلاً .. كأني قطعة منها، أنا أراها أجمل مني بمراحل .. أنا مثلها أعشق الغنج ظللت أبحث عن حب يدللني كطفلة متعبة، وحين وجدته تمسكت به ولم أسمح لأحد أن يهدره، يتحملني هو إلى الآن ولا أعلم إلى متى.ذ
أنا مثل أمي في مطاردة دائمة لمثالية غير موجودة... أخاف أن أخطيء. طفولتي قضيتها طفلة مطيعة تلبي أوامر والديها ورغبتهما في أفضل الأبناء، كبرت بعد ذلك لأقضي عمري في حسبان تصرفاتي و متابعة أراء الأخرين حولي، فلا أخطو خطوة إلا بعد أن أجهد عقلي في نتائج ما سأفعله. ذ
وأنا بين أمي وجدتي
لي معتقداتي، أرصد إشارات الكون حولي كي أسلك الطرق المحددة. أضع شريط مجهول الهوية في مشغل الأغاني وأقول أن الأغنية القادمة على حظك أو حظي. في المساء أحضر كتاب وأخبرك أننا سنلعب لعبة الرباعيات، أفتح صفحة عشوائية وأهدي أربع جمل مختارة لك وصفحة أخرى عشوائية بها أربع جمل لي.ذ
Sunday, January 13, 2008
صدر حديثاً
الأغلفة تصميم الفنان وليد طاهر